مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الفصل لكمال الاتصال

صفحة 553 - الجزء 1

  الإعراب، وأن ذلك لكونه لا يحصل التمايز بينه وبين التأكيد، - أعنى الجملة التى مفهومها مخالف لمفهوم الأولى - وقد اتحد مصدوقها إلا بقصد نقل الحكم إلى مضمون الثانية. ولا يتحقق ذلك فى الجملة التى لا محل لها من الإعراب وتقدم أن بعضهم نزل استئناف حكمها منزلة النقل، فجوّز وروده وإنما قلنا أعنى الجملة إلخ لأنّ متحدى المفهوم لا تتصور بينهما البدلية أصلا، إذ من شرطه اختلاف المفهوم، لا يقال قوله: ارحل لا تقيمن محكيان بالقول، فليسا مما لا محل لهما، لأنا نقول: إن الكلام باعتبار الحالة المحكية عنهما، وهما فى تلك الحالة لا محل لهما - كما تقدم فى أرسو نزاولها -، وفهم من قوله (أوفى) أنّ الأولى فى القسمين - أعنى بدل البعض وبدل الاشتمال - وافية أيضا لكن الثانية أوفى. أما القسم الأولى فظاهر؛ لأن الأولى دلت على المذكور بالعموم أيضا؛ وإنما فاتتها الثانية بالخصوص وأما فى القسم الثانى فلما أشرنا إليه من أن إفهام الكراهية يكون بغير اللفظ، فإفادة ذلك باللفظ واف لكن الثانية، وهى لا تقيمنّ أوفى وهذا يقتضى أن المصنف لم يمثل لغير الوافية، والأولى حمل الكلام على ما قررنا أولا، من أن غير الوافية هى التى أعقبت ببدل البعض والاشتمال؛ لأنه لا يفهم المراد إلا بالبدل، إذ لا إشعار للأعم بالأخص، ولا للمجمل بالمبين، وأن التى هى كغير الوافية هى التى أتبعت ببدل الكل بناء على اعتباره فى الجمل؛ لأن مدلول الأولى هو مدلول الثانية مصدوقا ولو اختلف المفهوم؛ وذلك لأن المصدوق أكثر رعاية من المفهوم، وعليه يكون قوله: أوفى تفصيلا باعتبار مطلق المشاركة لا باعتبار الوفاء المقصود فى الحالة الراهنة. وإنما قلنا: حمل الكلام على هذا أولى؛ لأن غير الوافية هى التى صدر بها فيصرف التمثيل لها وتكون التى هى كغير الوافية كالمستطردة باعتبار ما لم يذكره هو وذكره الغير. وأيضا لو كان التفصيل عاما لبدل البعض والاشتمال على أن التمثيل ليس لغير الوافية؛ بل للوافية لاقتضى أن بدل الاشتمال والبعض فيهما ما الأولى فيه لا وفاء فيها أصلا ولا يكاد يوجد فى بدل الاشتمال والبعض ما هو غير الوافية أصلا؛ لأن الوفاء بالعموم والإجمال لازم لهما تأمل.