الإنشاء
  (٤٨٧) و «أنّى»: تستعمل تارة بمعنى «كيف»؛ نحو: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}(١)، وأخرى بمعنى «من أين»؛ نحو: {أَنَّى لَكِ هذا}(٢).
  (٤٨٨) ثم إن هذه الكلمات كثيرا ما تستعمل فى غير الاستفهام؛ كالاستبطاء؛ نحو: كم دعوتك؟، والتعجّب؛ نحو: {ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ}(٣)، والتنبيه على الضلال؛ نحو: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}(٤)، والوعيد؛ كقولك لمن يسئ الأدب: «ألم أؤدّب فلانا؟» إذا علم المخاطب ذلك، والتقرير بإيلاء المقرّر به الهمزة؛ كما مر(٥)، والإنكار كذلك؛ نحو: {أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ}(٦)؛ {أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا}(٧)؛ ومنه: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ}(٨) أى: الله كاف عبده؛ لأنّ إنكار النفى نفى له، ونفى النفى إثبات؛ وهذا مراد من قال: «إنّ الهمزة فيه للتقرير بما دخله النفى لا بالنفي».
  (٤٩٣) ولإنكار الفعل صورة أخرى، وهى نحو: أزيدا ضربت أم عمرا؟ لمن يردّد الضرب بينهما. والإنكار: إمّا للتوبيخ، أى: ما كان ينبغى أن يكون؛ نحو: أعصيت ربّك؟ أو لا ينبغى أن يكون؛ نحو: أتعصى ربّك؟ أو للتكذيب، أى: لم يكن؛ نحو: {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ}(٩)، أو لا يكون؛ نحو: {أَنُلْزِمُكُمُوها}(١٠) والتهّكم؛ نحو: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا}(١١)، والتحقير؛ نحو: مّن هذا؟ والتهويل؛ كقراءة ابن عباس ¥: {وَلَقَدْ
(١) البقرة: ٢٢٣.
(٢) آل عمران: ٣٧.
(٣) النمل: ٢٠.
(٤) التكوير: ٢٦.
(٥) فى حقيقة الاستفهام من إيلاء المسئول عنه الهمزة.
(٦) الأنعام: ٤٠.
(٧) الأنعام: ١٤.
(٨) الزمر: ٣٦.
(٩) الإسراء: ٤.
(١٠) هود: ٢٨.
(١١) هود: ٨٧.