مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الإنشاء

صفحة 56 - الجزء 1

  (٤٨٧) و «أنّى»: تستعمل تارة بمعنى «كيف»؛ نحو: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}⁣(⁣١)، وأخرى بمعنى «من أين»؛ نحو: {أَنَّى لَكِ هذا}⁣(⁣٢).

  (٤٨٨) ثم إن هذه الكلمات كثيرا ما تستعمل فى غير الاستفهام؛ كالاستبطاء؛ نحو: كم دعوتك؟، والتعجّب؛ نحو: {ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ}⁣(⁣٣)، والتنبيه على الضلال؛ نحو: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}⁣(⁣٤)، والوعيد؛ كقولك لمن يسئ الأدب: «ألم أؤدّب فلانا؟» إذا علم المخاطب ذلك، والتقرير بإيلاء المقرّر به الهمزة؛ كما مر⁣(⁣٥)، والإنكار كذلك؛ نحو: {أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ}⁣(⁣٦)؛ {أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا}⁣(⁣٧)؛ ومنه: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ}⁣(⁣٨) أى: الله كاف عبده؛ لأنّ إنكار النفى نفى له، ونفى النفى إثبات؛ وهذا مراد من قال: «إنّ الهمزة فيه للتقرير بما دخله النفى لا بالنفي».

  (٤٩٣) ولإنكار الفعل صورة أخرى، وهى نحو: أزيدا ضربت أم عمرا؟ لمن يردّد الضرب بينهما. والإنكار: إمّا للتوبيخ، أى: ما كان ينبغى أن يكون؛ نحو: أعصيت ربّك؟ أو لا ينبغى أن يكون؛ نحو: أتعصى ربّك؟ أو للتكذيب، أى: لم يكن؛ نحو: {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ}⁣(⁣٩)، أو لا يكون؛ نحو: {أَنُلْزِمُكُمُوها}⁣(⁣١٠) والتهّكم؛ نحو: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا}⁣(⁣١١)، والتحقير؛ نحو: مّن هذا؟ والتهويل؛ كقراءة ابن عباس ¥: {وَلَقَدْ


(١) البقرة: ٢٢٣.

(٢) آل عمران: ٣٧.

(٣) النمل: ٢٠.

(٤) التكوير: ٢٦.

(٥) فى حقيقة الاستفهام من إيلاء المسئول عنه الهمزة.

(٦) الأنعام: ٤٠.

(٧) الأنعام: ١٤.

(٨) الزمر: ٣٦.

(٩) الإسراء: ٤.

(١٠) هود: ٢٨.

(١١) هود: ٨٧.