مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوصل لدفع الإيهام

صفحة 571 - الجزء 1

  فقط ولا جامع بين المسندين فقط ولا جامع بين متعلقى المسندين من باب أحرى، كما اقتضى ذلك كلام السكاكى فى بعض كلامه وسيأتى الجواب عنه إن شاء الله تعالى فإذا وجد الجامع على الوجه الذى ذكر المصنف صح العطف (نحو) قولك: (يشعر زيد ويكتب) فالمسند إليهما فى الجملتين متحدان والمسندان وهما الشعر والكتابة بينهما جامع خيالى لتقارنهما فى خيالات أصحابهما، فصح العطف بينهما (و) كذلك يصح فى نحو قولك: (يعطى زيد ويمنع) لاتحاد المسند إليه فيهما، وتناسب العطاء والمنع بحكم التضاد أو كون أحدهما عدما والآخر ملكة على ما يأتى من أن الضدين كالمتضايفين عند الوهم، فبينهما جامع وهمى فإذا اتحد المسند إليه فيهما كما فى المثالين لم يطلب جامع آخر وراء ذلك الاتحاد، وإن لم يتحدا فلا بد من مناسبة خاصة بينهما، ولا يكفى كونهما إنسانين أو قائمين أو قاعدين مثلا على ما سيأتى وإلى ذلك أشار بقوله (و) نحو قولك: (زيد شاعر وعمرو كاتب) ونحو: (زيد طويل وعمرو قصير) فإن العطف فى الأولين والثانيتين صحيح (لمناسبة) أى: عند تحقق مناسبة خاصة معلومة (بينهما) أى: بين زيد وعمرو، ولم ينبه على المناسبة بين المسندين للعلم بها مما تقدم وإنما زاد لمناسبة يعنى خاصة كما قررنا لما أشرنا إليه من أن مطلق المناسبة فى شيء ما كالجرمية والحيوانية، بل والإنسانية مثلا كما تقدم لا يكفى بل لا بد من أمر خاص، كصداقة معلومة بين المسند إليهما وعداوة وأخوة وعلم وإمارة وشجاعة ونحو ذلك، وإلا لم يصح العطف وإليه أشار بقوله (بخلاف) قولك (زيد كاتب وعمرو شاعر) ولو حصلت المناسبة فيه بين المسندين، فلا يصح العطف فيه جيث أتى بذلك القول (بدونها) أى المناسبة الخلصة (بينهما) أى: بين زيد وعمرو بأن لا يكونا صديقين ولا أخوين ولا غير ذلك من المناسبة الخاصة، ولوجوب اعتبار المناسبة الخاصة منعوا العطف فى نحو قولك: خفى ضيق وخاتمى ضيق مع اتحاد المسندين لأنه لا مناسبة خاصة بين الخف والخاتم، ولا عبرة بمناسبة كونهما معا ملبوسين لبعدهما ما لم يوجد بينهما تقارن فى الخيال لذلك ولغيره، أو يقصد ذكر الأشياء المتفقة فى الضيق من حيث هى أشياء ضيقة فيجوز العطف لأن المعنى حينئذ هذا الأمر ضيق وذلك الأمر ضيق فقد عاد الأمر