جامع التضاد
  لا يجب الجزم فلا واسطة على هذا ولو على القول بأن الكفر جحود، ولكن على هذا يلزم دخول الاعتراف بوجوب الجزم فى حقيقة الإيمان تأمله، وإذا كان الضدان مما يتحقق بينهما جامع وهمى على ما سيتقرر فيجوز أن يقال السواد لون قبيح والبياض لون حسن والإيمان حسن والكفر قبيح لوجود الجامع الوهمى فى ذلك (و) ك (ما يتصف بها) أى: يتصف بتلك المذكورات من حيث إنه يتصف بها كالأسود والأبيض والمؤمن والكافر، فإن كل اثنين متقابلين منها يعدان ضدين من حيث الاشتمال على الضدين بخلاف ذوات تلك المتصفات من غير إشعار بالأوصاف فليست من باب التضاد فى شيء كزيد وعمرو، وإذا كان زيد أسود وعمرو أبيض فيقال على هذا الأسود ذهب والأبيض جاء والمؤمن حضر والكافر غاب لوجود الجامع الوهمى فى ذلك.
  (أو) يكون بين المتصورين فى الجملتين (شبه تضاد) وذلك بأن لا يكون أحدهما ضد الآخر ولا موصوفا بضد ما وصف به الآخر، ولكن يشتمل ويستلزم كل منهما معنى ينافى ما يستلزمه ويشتمل عليه الآخر، وهو قسمان ما يكون فى المحسوسات (كالسماء والأرض) فإن السماء جرم مخصوص، تنوسى فيه معنى السمو والأرض جرم مخصوص فليس بينهما تضاد لأنهما جرمان فليسا معنيين تواردا على محل واحد، ولم يشعر أحدهما بوصف أشعر الآخر بضده كالأسود والأبيض فإن قلنا إن السماء لا إشعار فيها للسمو فلا إشكال، وإن اعتبرنا الإشعار فالأرض لا تشعر بالمقابل ولكن يستلزم كل منهما معنى ينافى ما يستلزمه الآخر، فالسماء تستلزم غاية الارتفاع، والأرض تستلزم غاية الانخفاض فهما يشبهان الضدين، لاستلزامهما ما به التنافى ولم يكونا من الضدين لعدم كون ما به التنافى جزأين لهما كما فى الأسود والأبيض، والمراد بالسماء جميع السموات لا أدناها حتى يقال ليس فيها غاية الارتفاع وكذا الأرض، والقسم الثانى ما يكون فى المحسوسات والمعقولات معا (كالأول والثانى) فإن الأول هو الذى يكون سابقا على الغير ولا يكون مسبوقا بالغير، والثانى هو الذى يكون مسبوقا بواحد فهما يشبهان ما عدا من الضدين كالأبيض والأسود من جهة اشتمالهما على