جامع التضاد
  إنما هو لمجرد تصحيح المعنى فقط وإلا فمراده إنما هو ظاهر كلامه وذلك لأنه رأى أن كلام السكاكى يقتضى الاكتفاء بجامع بين مفرد من جملة ومقابله فى الأخرى، فعبر بالشيئين ليعم المفردات كما تقدم، فمراده بالتصور حينئذ نفس معناه الذى هو نفس الإدراك لا المدرك إذ يكون التقدير على هذا الجامع بين كل مفردين هو أن يكون بين ذينك المفردين والمتصور هو نفس ذلك المفرد، فهو من إضافة الشيء إلى نفسه وتأويل الشيء باللفظ ليراد بالمتصور معناه عجرفة وتعسف إذ الجمع إنما هو بين المعانى فلا ينسب للألفاظ فإذا أريد بالتصور معناه لزم ما ذكر، على أن لفظ التصور مستدرك حتى فى قوله اتحاد فى التصور لأنه يكفى أن يقال كان بين الشيئين اتحاد ولا يحتاج إلى أن يقال كان بين الشيئين اتحاد فى التصور، وبما ذكرنا يعلم أن المصنف لا يجاب عنه بتفسير كلامه بكلام السكاكى لأن ظاهر العبارة ينافيه، ويلزم عليه أن تغيير العبارة إلى ما فيه الحشو لا فائدة فيه حينئذ ومع ذلك فقد صرح بالبحث فى عبارة السكاكى، فلا معنى لحمل كلامه على ما يعترضه على غيره، ثم نفس التغيير بالشيئين لو لا ما أريد به الآيل إلى الاعتراض لم يتعلق به خلل لإمكان أن يراد به الجملتان نعم يرد على عبارة السكاكى ما ذكر المصنف وأشرنا إليه فيما تقدم من أنه يقتضى الاكتفاء بالجامع فى مفردين وقد نص هو بنفسه على عدم الاكتفاء، كما تقدم فى خفى ضيق وخاتمى ضيق، وقد أجيب عنه كما تقدم بأنه إنما تكلم هنا على نفس الجامع فى الجملة لا على قدر الكافى منه لذكره إياه فى موضع آخر، وورد على الجواب أنه إذا قيل الجامع بين الجملتين إنما يفهم منه عرفا ما يصحح عطف إحداهما على الأخرى، ولا يفهم منه بعض الجامع بين الجملتين الذى هو حاصل الجواب، فالأولى أن يجاب كما تقدم بأن الاتحاد فيما ذكر مثلا يكفى فى الجمع أن تعلق الغرض والقصد الذاتى بالاتحاد فيه، فإذا قلت خفى ضيق وخاتمى ضيق وكان القصد ذكر الأشياء الموصوفة بالضيق من حيث هى أشياء، كفى الاتحاد المذكور إذ حاصل المعنى هذا الشيء وذلك الشيء ضيقان وأما إن كان القصد إلى الجملة الأولى برأسها ثم عرض إرادة عطف الأخرى عليها، فلا بد من الجامع فى الركنين، وقد تقدم هذا وأعدناه هنا للمناسبة وللزيادة فى البيان تأمل.