تذنيب
  اعتبر الدوام لأحدهما دون الآخر ولم يعتبر مطلق التحقق فى كل منهما، لأنهم قصدوا أن يكون الإثبات والنفى على طرفى النقيض، ولا يتحقق التناقض بينهما إلا باعتبار أحدهما عاما والآخر جزئيا وجعل العموم فى النفى لسهولته كما تقدم، وإذا ورد النفى على النفى جعل النفى الوارد عاما والمورود عليه جزئيا كالإثبات ليتحقق التناقض فتحقق بهذا أن لا مقارنة فى المثبت، لعدم استصحابه لزمن التكلم ونحن بنينا على أن مقارنة زمانه هو المعتبر على ما تقدم فيه ولكن فيه الحصول، وأن المنفى فيه المقارنة لاستصحابه لزمن حال التكلم وليس فيه حصول صفة، بل نفى حصولها وإلى بيانه أشار بقوله: (وأما الثانى) يعنى عدم دلالته على حصول صفة (فلكونه) أى: الفعل المذكور (منفيا) والمنفى إنما يدل النفى فيه بالمطابقة على نفى صفة لا على ثبوتها، وكون الثبوت حاصلا باللزوم غير معتبر فتقرر بهذا أن المنفى يشبه الحال المفردة فى إفادة المقارنة، فاستحق بذلك سقوط الواو ولا يشبهها فى الدلالة على حصول صفة غير ثانية، فاستحق بذلك الإتيان بها فجاز الأمران فيه كما جاز فى المثبت وقد علم مما تقرر أن الدلالة فيه على المقارنة حيث نفى بلما أقوى منها، حيث نفى بغيرها سواء قلنا إن النفى بغيرها إنما أفاد الاستغراق بالأصالة كما مشي عليه المصنف أو قلنا إنما أفاده لكون الفعل فى معنى النكرة فى سياق النفى، وهو أولى، وذلك لأن الدلالة على الاتصال بزمن الحال فى النفى بلما مقصود وضعا متأكد القصد، كما مر ولذلك يقال: إن الاتصال بزمن التكلم فيها قطعى بخلاف النفى بغيرها، فهو بالالتزام الأصلى أو بالوضع من غير تأكد، قصد الدلالة فالدلالة فيه ليست قطعية، بل ظنية بالأصالة أو بطريق العموم هذا كله إنما هو إن كانت الجملة الحالية فعلية.
  (و) أما (إن كانت) الجملة الحالية (اسمية فالمشهور) عند علماء العربية (جواز تركها) أى: ترك الواو فيها، ويتضمن جواز الترك جواز الإتيان بها؛ لأن الجواب فى الأصل يقابل الوجوب والامتناع ونص على جواز الترك لأنه هو المختلف فيه وأما الإتيان فلم يقل أحد بامتناعه فى الجملة الاسمية إلا لعارض كما سينبه عليه، وإنما جاز