مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تذنيب

صفحة 614 - الجزء 1

  الترك فى الجملة الاسمية (لعكس) أى: لأجل أنها تحقق فيها عكس (ما مر فى) الفعل (الماضى المثبت) والذى مر فى الماضى المثبت هو دلالته على حصول صفة غير ثابتة دون المقارنة، وعكسه الموجود فى الجملة الاسمية هو دلالتها على المقارنة من جهة إفادتها الدوام والثبوت المقتضى للاستمرار حتى فى زمن التكلم، وقد بنينا على أن المقارنة يقتضيها الحصول زمن التكلم على ما فيه من البحث، من غير أن تدل على حصول صفة غير ثابتة؛ لأن الفرض دوامها فلا يمكن عدم الثبوت فتشبه المفردة، من جهة إفادة المقارنة وذلك يستدعى سقوط الواو، ولا تشبهها من جهة عدم دلالتها على حصول صفة غير ثابتة، وذلك يستدعى وصلها بالواو، فلما أن وجد فيها الداعى لكل منهما جاز الأمران كما مر فى غيرها وذلك (نحو) قولك فى سقوطها (كلمته فوه إلى فىّ) أى: حال كونى مشافها له، ويجوز أن يقال وفوه إلى فىّ بالواو بلا إشكال وأما وجوب سقوطها فى الاسمية المعطوفة على المفردة كقوله تعالى: {فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ}⁣(⁣١) فلعروض كراهية الجمع بين واو الحال التى أصلها للعطف، إذهى للربط الذى هو كالعطف، وحرف العطف الذى هو أو وورد على ما ذكر من التعليل فى الجملة الاسمية وهو أنها تدل على المقارنة دون الحصول نحو: جاءنى زيد وعمرو يتكلم مما أخبر فيها بالمضارع المثبت، فإنه يدل كما تقدم على الحصول والمقارنة معا، فينتقض ما ذكر فى الجملة الاسمية وقد يجاب بأن التعليل ناظر إلى أصل الجملة الاسمية وذلك كاف؛ لأن هذه الأمور بيان لعلل ما وقع لمجرد الضبط بالمناسبة، لا بيان للأمور المثبتة للأحكام وإلا فكل ما ذكر المصنف محتمل عند التحقيق كما تقدم.

  وورد أيضا أن كون الجملة الاسمية للدوام والثبوت يقتضى خروج الكلام عما نحن بصدده؛ لأن الكلام فى الحال المنتقلة وأما غيرها فقد تقدم امتناع الواو فيها مطلقا، وقد يجاب أيضا بما أشير إليه من أن ذلك منظور فيه للأصل واكتفى بذلك على وجه التوسع، وإلا فكونها منتقلة يمنع ذلك الأصل (وأن دخولها) هو عطف على قوله جواز أى: المشهور جواز الترك، والمشهور أيضا أن دخول الواو فى تلك الجملة الاسمية (أولى)


(١) الأعراف: ٤.