تعريف الإيجاز والإطناب
  يصيرها إطنابا نظرا إلى أن المعتبر فيهما مقتضى المقام وذلك عند اقتضاء المقام إياها، لخطاب من لا يناسبه سواها. وقد تقرر بما ذكر السكاكى والمصنف أن بين الإطناب والإيجاز واسطة هى المساواة، وقيل الإطناب تأدية أصل المراد بزائد لفائدة وغير ذلك إيجاز، وعليه فلا واسطة وإنما قدرنا بعد قوله والأقرب قولنا إلى الفهم لأنا لو قدرنا إلى الصواب كان اعترافا بأن ما قاله السكاكى قريب إلى الصواب أيضا، إلا أن هذا أقرب على أنه يلزم فيه أن ما أتى به ليس بصواب، بل قريب منه اللهم إلا أن يراد بالقرب إلى الصواب التمكن منه وكثيرا ما يعبر بالقرب من الشيء عن كونه إياه كقوله تعالى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى}(١) فإن العدل داخل فى التقوى، وعليه فيصح تقدير إلى الصواب على أن تقدير إلى الفهم لا يتم إلا بهذا التأويل أيضا، أو يراد الأقرب إلى القبول.
  وحاصل ما أشار إليه المصنف منطوقا ومفهوما أن هنا خمس طرق؛ لأن المراد إما أن يؤدى بلفظ مساو أولا، والثانى إما ناقص أو زائد، والناقص إما واف أو غير واف، والزائد إما لفائدة أم لا فهذه خمسة المقبول منها ثلاثة، وهى: ما أدى بلفظ مساو، أو بناقص مع الوفاء، أو بزائد لفائدة وما أدى بناقص بلا وفاء، وهو الإخلال غير المقبول، وما أدى بزائد لا لفائدة غير مقبول وفيه قسمان: الحشو والتطويل فعادت الطرق بتقسيم الخامس منها ستة، ثلاثة مقبولة وثلاثة غير مقبولة، فأشار إلى هذه الثلاثة وإلى إخراجها بما قيد به المقبول من الإيجاز والإطناب فقال: (واحترز ب) قوله (واف عن الإخلال) وذلك لأن المراد بالوفاء أن تكون الدلالة على ذلك المراد مع نقصان اللفظ واضحة فى تراكيب البلغاء بادية لاخفاء بها، والإخلال أن يكون اللفظ ناقصا مع خفاء الدلالة بحيث يحتاج فيها إلى تكلف وتعسف فلا يرد أن يقال إذا وجدت قرائن الدلالة اعتبرت فتكون مقبولة، وإن لم توجد فلا دلالة أصلا حتى تكون مقبولة أولا والجواب أن القرائن لا بد منها لكن قد يكون الفهم واضحا، وقد يكون الفهم
(١) المائدة: ٨.