تعريف الإيجاز والإطناب
  ولكن هذا المعنى فى الشجاعة أبين؛ لأن هذا لا يتم فى الشدة إلا على تقدير عدم دوامها وهو غير لازم من نفى الموت؛ وذلك؛ لأن الصبر على الشدة الدائمة مما لا يثبت إلا للقليل تأمله.
  وأما الندى فالمتبادر أن فضله فى نفى الموت لا فى وجوده؛ لأن الإنسان إذا علم أنه لا يموت ومع ذلك يتكرم حتى يبقى معدما، والعدم مما يؤدى إلى فضيحة ومقاساة شدائد دائمة، فالكرم مع نفيه لأجل ذلك ليس إلا للنادر فيثبت له الفضل، وأما وجود الموت فهو الحامل على الكرم لكل أحد؛ لأن المال الذى يترك من شأن العاقل بذله لئلا يبقى لوارثه بعده فلا فضيلة وهذا مما يكثر مرتكبه، فلا فضل فيه وقد وجه ذلك بأن نفى الموت مما يوجد رجاء الانتقال من عسر إلى يسر ومن فقر إلى غنى حسبما جرت به عادة الزمان الطويل، من تقرر ذلك الانتقال فيه وذلك مما يحمل على الكرم لكل أحد فينتفى الفضل عن الكرم على تقدير نفى الموت ويثبت له على تقدير وجوده بطريق المفهوم ورد بأن خوف الشدة أعظم من رجاء الخلف، فلا يكون رجاؤه مسهلا للإكرام عند انتفاء الموت لصحة وجود الشدائد ودوامها وهى أولى أن تراعى، وأما الجواب بأن المراد بالندى الكرم بالنفس فهو ضعيف لعوده إلى الشجاعة حينئذ فيكون فى الكلام تكرار مع أن الأصل عدم استعماله لذلك المعنى، فتقرر بهذا أن زيادة الندى فى هذا الكلام حشو مفسد للمعنى، وورد هنا أن الندى ليس بزيادة لفظ لمعنى مدلول لغيره حتى يكون حشوا، بل إتيان بلفظ لمعناه إلا أنه فاسد فى المقام والحشو من القبيل الأول، كالتطويل لما تقدم من أنه لا يفرق بينهما إلا فى التعين وعدمه وقد يجاب بأن المراد بالزيادة بالنسبة إلى الحشو أن يؤتى بما لا يحتاج إليه سواء كان ذلك المأتى به مدلولا على معناه بغيره أم لا.
  (و) ثانيهما: أعنى ثانى قسمى الحشو هو ما يسمى بالحشو (غير المفسد) للمعنى. وذلك (كقوله) أى: زهير: