مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

[الضرب الأول: (إيجاز القصر)]

صفحة 638 - الجزء 1

  العبارتين فقال (وفضله) أى: وفضل قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} يعنى: الأوجه التى يحصل بها فضله (على ما) أى: على الكلام الذى (كان عندهم أوجز كلام فى هذا المعنى وهو) كون القتل بالقتل يمنع القتل، فيثبت به الحياة (وهو) أى: وذلك الكلام الذى هو أوجز كلام عندهم فى هذا المعنى قولهم (القتل أنفى) أى: أكثر نفيا (للقتل) من تركه أو من غيره (بقلة) خبر قوله وفضله أى: وفضله حاصل بقلة (حروف ما يناظره) أى: ما يناظر قولهم القتل أنفى للقتل (منه) أى: من قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} فالضمير فى يناظره عائد لقولهم، وفى منه عائد لقوله تعالى وإنما قال منه لأن قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} لا يقابل كله قولهم القتل أنفى للقتل، وإنما يقابله منه قوله تعالى: {فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} وأما لكم فلم يوجد فى قولهم القتل أنفى للقتل ما يقابل به، إلا لو قيل مثلا: القتل أنفى للقتل عن الناس.

  وإذا عدت الحروف المنطوق بها فيما يقابل قولهم وجدت فيه عشرة بدون التنوين؛ لأنه لا يثبت إلا فى الوصل فلا يعتبر فى المقابلة، وإن اعتبر كانت إحدى عشر وعدد ما فى قولهم أربعة عشر، وأما الحروف المكتوبة فلا عبرة بها؛ لأن الكلام فى النطق وبه يكون الكلام موجزا أولا (و) حاصل فضله أيضا ب (النص على المطلوب) وهو ثبوت الحياة، بخلاف قولهم: القتل أنفى للقتل، إنما يدل على المطلوب باللزوم من جهة أن نفى القتل يستلزم ثبوت الحياة المنفية بوجوده (و) حاصل فضله أيضا ب (بما يفيده تنكير حياة من التعظيم) بيان لما أى: يحصل الفضل - أيضا - بما يفيده التنكير الذى هو التعظيم المفيد لعظمة الحياة فى القصاص، وإنما عظمت الحياة الحاصلة بالقصاص (ل) أجل (منعه) أى: منع القصاص إياهم (عما كانوا عليه من) الإقدام على (قتل جماعة) ظلما (بواحد) بخلاف قتل الجماعة القاتلين بالقصاص فليس ظلما لتنزيلهم منزلة الواحد فى المباشرة، وحصول الموت عنهم فلا يمنع منه القصاص، إذ ليس ظلما، وإنما يمنع من قتل الجماعة ظلما فيحصل لهم بهذا الحكم عن القصاص حياة عظيمة هى حياة الجماعة التى كانت تقتل ظلما بواحد، وذلك بانزجار القاتل عن القتل وبعد