مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

إيجاز الحذف

صفحة 640 - الجزء 1

  أيضا بوجود النوع المسمى فى البديع ب (المطابقة) وهى أن يجمع بين معنيين بينهما تقابل فى الجملة.

  ولا شك أن القصاص ضد دائما للحياة، فيقابل فى الجملة وجودها، وإنما قلنا فى الجملة لأن الذى ثبت له الحياة ليس هو الذى يقتل قصاصا ولكن هذا الوجه قد يقابل من الجانب الآخر بأن فيه إثبات القتل ونفيه فى الجملة أيضا، ولا يقابل يقابل هذا بما فيه من رد العجز على الصدر وهو من أنواع البديع كما يأتى؛ لأن حصوله بالتكرار يوهنه، وإنما يحسن كل الحسن إذا حصل بغير تكرار فلا يعدل المطابقة.

إيجاز الحذف

  (و) الضرب الثانى من الإيجاز (إيجاز الحذف) أى: ما يسمى إيجاز الحذف لأن حصوله بحذف شيء من الكلام (والمحذوف) أقسام لأنه (إما جزء جملة) وأراد بجزء الجملة هنا بدليل ما سيأتى ما يعم الجزء الذى يتوقف عليه أصل الإفادة وغيره فدخلت العمدة كالمبتدأ والخبر والفاعل والفضلة كالمفعول، ولذلك أبدل من الجزء قوله (مضاف) ثم مثل لما فيه حذف الجزء المضاف، وهو مفعول بقوله (نحو) قوله تعالى: ({وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ})⁣(⁣١) فإن هذه الجملة حذف منها جزء هو المضاف والتقدير واسأل أهل القرية وهذا بناء على أن القرية لم يرد بها أهلها مجازا مرسلا، وإلا فلا حذف (أو) جزء جملة (موصوف) فهو معطوف على مضاف وكلاهما بدل، ولم يجعلا نعتين لئلا يلزم جعل ما عطف بعدهما وهو قوله صفة وشرط نعتين، لأن المعطوف على النعت نعت وذلك لا يصح فيهما لعدم اشتقاقهما، فجعل الكل بدلا ليصح الإعراب فيهما جميعا ثم مثل لما حذف منه الموصوف بقوله:

  (أنا ابن جلا) وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفونى⁣(⁣٢)


(١) يوسف: ٨٢.

(٢) البيت أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص (١٤٩)، وهو لسحيم بن وثيل الرياحى فى الاشتقاق ص (٤٢٤)، والأصمعيات ص (٧١)، وخزانة الأدب (١/ ٢٥٥، ٢٥٧، ٢٦٦)، والدرر (١/ ٩٩)، والشعر والشعراء (٢/ ٦٤٧)، وبلا نسبة فى أمالى الحاجب ص (٤٥٦)، وخزانة الأدب (٩/ ٤٠٢)، ولسان العرب (ثنى)، (جلا).