مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الثاني

صفحة 648 - الجزء 1

  وإنما كان هذا هو المقصود الأظهر نظرا إلى العرف والعادة فى استعمال هذا الكلام، فإن المفهوم عرفا من قول القائل حرم عليكم كذا تحريم تناولها لأنه أشمل وأدل على المقصود بالتحريم، فالمعنى بالعادة والعرف الذى يتبين به المقصود الأظهر كون الشيء يفهم من الاستعمال كثيرا ويقصد لخصوصية فيه، بخلاف العادة الآتية فهى تقرر أمرا آخر فى نفسه من غير نظر لدلالة الكلام عليه عرفا، كتقرر كون الحب الغالب لا يلام عليه فلا يرد على ما سيأتى فكون الشيء هو المقصود الأظهر عرفا دليل على إرادته وفيه أن فهم ذلك الشيء حينئذ إما بالقرائن المحتفة بالكلام عند الاستعمال، وإما بنقل اللفظ لهذا المعنى عرفا.

  فعلى الأول لا يختص قولنا كون الشيء مقصودا أظهر يدل على إرادته بهذا المعنى؛ لأن هذا المعنى أعنى كونه مقصودا أظهر يصدق فى كل تعيين فيه احتمالان فأكثر فلا معنى لتخصيصه بما دلت عليه القرائن، وعلى الثانى لا معنى له أيضا؛ لأن الكلام تعين حينئذ معناه بالوضع العربى، فلا معنى للاحتياج فى التعيين إلى كونه المقصود الأظهر بل نقول كون الشيء مقصودا أظهر هو معنى تعين ظهوره فى الإرادة والدلالة.

  فأى معنى لهذا الكلام ثم الدلالة على تعيين المحذوف تتضمن الدلالة على الحذف، فالدليل على التعيين دليل على الحذف والمدرك لذلك هو العقل ويدفع هذا بأن المراد أن العقل قد يدل وحده على الحذف حتى لو لم يوجد الدليل الآخر لاستقل ويفتقر فى الدلالة على التعيين إلى شيء آخر، ككونه مقصودا أظهر وقد يستقل فى الأمرين على ما فى ذلك من البحث، ثم هذا بناء على الحق وهو أن التحريم إنما يتعلق بالأفعال لأنه تكليف: والتكليف لا معنى لتعلقه بالذوات وإن بنى على أنه يتعلق بالذوات كما يقول الحنفية فلا حذف فى الكلام، ولا يخفى ما فى عبارة المصنف من التسامح وهو جعل الدلالة من الأدلة، فإما أن يكون قوله أن يدل مقحما والأصل منها العقل، وإما أن يقدر، ودلالة أدلته كثيرة، ولكن تقدير الدلالة قبل الأدلة فى معنى الحشو أيضا بل هو غاية فى البرودة لأن المقصود تقسيم الأدلة لا دلالتها كما لا يخفى وإما أن