مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

باب: نعم

صفحة 655 - الجزء 1

  ليرى المعنى فى صورتين مختلفتين، أو ليتمكن المبين فى قلب السامع أو لتكمل لذة العلم به على ما تقدم وفى هذا شيء فإن المخاطب بهذا الكلام هو الرب تعالى وتقدس ولا يناسبه أن يخاطب بعلمين على أنهما بالنسبة إليه كما تقدم خير من علم واحد، ولا أن الخطاب بما فيه التمكن فى قلب السامع، ولا بما فيه كمال لذة العلم للمخاطب، ولا يقال المراد أن الكلام لو خوطب به غير الرب تعالى أمكن فيه ما ذكر؛ لأن أصل الكلام أن يؤتى به لما أراده المتكلم به وإلا لم يوثق بمفاد الكلام لإمكان تحويله إلى مقصود آخر، بل الجواب أن المراد هنا لازم ما تقدم لعدم إمكان ظاهره، فإن من لازم سوق الكلام لعلمين، الاهتمام به المستلزم للتأكيد فى السؤال، وكمال الرغبة فى الإجابة وكذا سوقه للتمكين واللذة من لازمه الاهتمام المستلزم لكمال الرغبة فى الإجابة، وكمال الرغبة والتأكيد فى السؤال مناسبان فى المقام، لأن بالإجابة يتمكن السائل من الامتثال على أكمل وجه، كما لا يخفى فليفهم.

باب: نعم

  (ومنه) أى: ومن الإيضاح بعد الإبهام (باب نعم) فشمل ما هو للمدح كنعم الرجل زيد، وما هو للذم كبئس الرجل أبو جهل لأن الباب صادق عليهما، وإنما يكون باب نعم مما فيه الإيضاح بعد الإبهام (على أحد القولين) وهو قول من يجعل المخصوص جزء جملة على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف وأما على قول من يجعله مبتدأ، والجملة قبله خبر، فليس مما نحن فيه إذ لا إبهام لأن التقدير (زيد نعم الرجل) وهو واضح (إذ لو أريد) أى: وإنما كان باب نعم من باب الإطناب الذى فيه إيضاح بعد إبهام لأنه لو أريد (الاختصار) أى: عدم الإطناب الصادق بالمساواة (كفى) أن يقال (نعم زيد) فلا يكون إطنابا بل مساواة.

  وقد علم بهذا أن الاختصار يطلق على المساواة، وأراد بقوله نعم زيد. أن يبين أصل المساواة - لو أريدت - لا أن هذا الكلام يجوز أن يقال فى العربية. وهذا الإيضاح بعد الإبهام الكائن من باب نعم، يصح أن يقصد به إراءة المعنى فى صورتين مختلفتين فى