الوجه الثامن: الاعتراض
  ومن هنا علم أن الكلام الذى يختمه الإيغال لا بد أن يرتبط بما بعده ارتباط كلامى الاعتراض، ويشمل بعض صور التذييل لأن الشرط فى التذييل كونه بجملة عقب أخرى، بقيد كونها للتأكيد، من غير اشتراط كون تلك الجملة المعقب بها لها محل ومن غير اشتراط كونها بين كلامين متصلين أم لا. فقد دخلت فيه الصورة التى تكون فيها الجملة لا محل لها وجاءت بين كلامين، والاعتراض يشملها؛ لأنه يكون بين كلامين متصلين لا محل له والنكتة يجوز أن تكون هى التوكيد فى الاعتراض فيكون بينه وبين التذييل عموم من وجه لاجتماعهما فى هذه الصورة، وانفراد التذييل بما لا يكون بين كلامين متصلين وانفراد الاعتراض بما لا يكون للتأكيد، وبعض الناس فهم أن التذييل لما لم يشترط فيه أن يكون بين كلامين متصلين اختص بكونه لا بين كلامين متصلين فيباين الاعتراض لاختصاصه بكونه بين كلامين متصلين، وهذا غلط فاحش؛ لأن عدم اشتراط الشيء ليس هو باشتراط لعدمه، فقولنا التذييل لا يشترط فيه كونه بين كلامين متصلين ليس شرطا لكونه فى غير المتصلين، كما لا يخفى فهو كما لم يشترط فيه الكون بين المتصلين لم يشترط فيه الكون بين غيرهما، وهو واضح ويكون بينه وبين الإيضاح والتكرير عموم من وجه أيضا إذ لم يشترط فى نكتته كونها غيرهما، ولا اشترط فيهما كونهما بغير الجملة التى لا محل لها، ولا كونهما فى غير التوسط المذكور فى الاعتراض، فيجتمع مع الإيضاح فيما يكون فى الأثناء بالجملة التى لا محل لها، وينفرد الإيضاح فيما يكون بغير الجملة أو بالتى لها محل أو فى الآخر وينفرد الاعتراض فيما يكون لغير بيان الإيضاح ومع التكرير فيما يكون للتقرير والتوكيد بالجملة التى لا محل لها فى الأثناء، وينفرد الاعتراض فيما يكون لغير توكيد والتكرير فيما لا يكون فى الأثناء فتأمله لتتم به النسبة بين الاعتراض، وبين جميع ما تقدم.
  ثم أشار إلى مثال من هذا الاعتراض وهو ما كان أكثر من جملتين بين كلامين، لما فيه من بعض الخفاء فقال (ومن) جملة (ما جاء منه) أى: من الاعتراض حال كونه واقعا (بين كلامين) وقد تقدم أنه لا بد أن يكونا متصلين (وهو) أى: والاعتراض نفسه