خاتمة: في السرقات الشعرية، وما يتصل بها، وغير ذلك
  فإن اخذ اللفظ كلّه من غير تغيير لنظمه: فهو مذموم؛ لأنه سرقة محضة، ويسمى نسخا وانتحالا؛ كما حكى عن عبد الله بن الزبير أنه فعل ذلك بقول معن بن أوس(١) [من الطويل]:
  إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل
  ويركب حدّ السّيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السّيف مزحل
  وفى معناه: أن يبدل بالكلمات كلّها أو بعضها ما يرادفها.
  (٦٥٧) وإن كان مع تغيير لنظمه أو أخذ بعض اللفظ، سمّى: إغارة ومسخا.
  (٦٥٨) فإن كان الثانى أبلغ؛ لاختصاصه بفضيلة: فممدوح؛ كقول بشّار [من البسيط]:
  من راقب النّاس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطّيّبات الفاتك اللهج(٢)
  وقول سلم [من مخلّع البسيط]:
  من راقب النّاس مات غمّا(٣) ... وفاز بالّلذة الجسور(٤)
  (٦٥٩) وإن كان دونه: فمذموم، كقول أبى تمّام [من الكامل]:
  هيهات لا يأتى الزّمان بمثله ... إنّ الزّمان بمثله لبخيل(٥)
(١) حكى أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشده هذين البيتين، فقال له معاوية: لقد شعرت بعدى يا أبا بكر، ولم يفارق عبد الله المجلس حتى دخل معن بن أوس المزنى، فأنشد قصيدته التى أولها:
لعمرك وما أدرى وإنى ولأجل ... على أينا تعدو المنية أول
حتى أتمها، وفيها هذان البيتان، فأقبل معاوية على ابن الزبير وقال: ألم تخبرنى أنهما لك فقال:
- اللفظ له والمعنى لى، وبعد فهو أخى من الرضاعة، وأنا أحق بشعره.
(٢) لبشار فى ديوانه ص ٦٠، وأورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٣٠٩.
(٣) فى المتن (همّا).
(٤) أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٣٠٩ وعزاه لسلم الخاسر.
(٥) البيت لأبى تمام فى مدح محمد بن حميد، ديوانه ص ٢٢٦، والإشارات ص ٣٠٩.