مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

خاتمة: في السرقات الشعرية، وما يتصل بها، وغير ذلك

صفحة 55 - الجزء 2

  فإن اخذ اللفظ كلّه من غير تغيير لنظمه: فهو مذموم؛ لأنه سرقة محضة، ويسمى نسخا وانتحالا؛ كما حكى عن عبد الله بن الزبير أنه فعل ذلك بقول معن بن أوس⁣(⁣١) [من الطويل]:

  إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل

  ويركب حدّ السّيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السّيف مزحل

  وفى معناه: أن يبدل بالكلمات كلّها أو بعضها ما يرادفها.

  (٦٥٧) وإن كان مع تغيير لنظمه أو أخذ بعض اللفظ، سمّى: إغارة ومسخا.

  (٦٥٨) فإن كان الثانى أبلغ؛ لاختصاصه بفضيلة: فممدوح؛ كقول بشّار [من البسيط]:

  من راقب النّاس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطّيّبات الفاتك اللهج⁣(⁣٢)

  وقول سلم [من مخلّع البسيط]:

  من راقب النّاس مات غمّا⁣(⁣٣) ... وفاز بالّلذة الجسور⁣(⁣٤)

  (٦٥٩) وإن كان دونه: فمذموم، كقول أبى تمّام [من الكامل]:

  هيهات لا يأتى الزّمان بمثله ... إنّ الزّمان بمثله لبخيل⁣(⁣٥)


(١) حكى أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشده هذين البيتين، فقال له معاوية: لقد شعرت بعدى يا أبا بكر، ولم يفارق عبد الله المجلس حتى دخل معن بن أوس المزنى، فأنشد قصيدته التى أولها:

لعمرك وما أدرى وإنى ولأجل ... على أينا تعدو المنية أول

حتى أتمها، وفيها هذان البيتان، فأقبل معاوية على ابن الزبير وقال: ألم تخبرنى أنهما لك فقال:

- اللفظ له والمعنى لى، وبعد فهو أخى من الرضاعة، وأنا أحق بشعره.

(٢) لبشار فى ديوانه ص ٦٠، وأورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٣٠٩.

(٣) فى المتن (همّا).

(٤) أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٣٠٩ وعزاه لسلم الخاسر.

(٥) البيت لأبى تمام فى مدح محمد بن حميد، ديوانه ص ٢٢٦، والإشارات ص ٣٠٩.