شرح المغربي لمقدمة السعد على تلخيص المفتاح
  أخر يكون النظر فيها كالشهود بالمصباح، وفى ذكر اسم المصباح الذى هو اسم كتاب لابن مالك(١) إيهام، وفى إطلاق الإصباح على شرحه إيماء إلى أنه ينبغى أن يسمى بالإصباح ولكن لم يعثر له على هذه التسمية، فغلبت عليه التسمية بالمطول (وأودعته) أى الشرح المفهوم من شرحت، ويحتمل على بعد أن يعود الضمير على التلخيص أى أودعت التلخيص بواسطة الشرح (غرائب نكت) أى نكتا غريبة تستبدع وتستظرف يقال: نكت فى الأرض بعود إذا بحث به فيها، ومن لازم ذلك ظهور لون فى ذلك المكان مخالف لما أحاط به ثم استعملت النكتة من هذه المادة فى كل لون مخالف لما أحاط به ثم استعير ذلك للطائف المعانى لمخالفتها لغيرها (سمحت بها الأنظار) أى جادت بها الأنظار مع أنها للطافتها مما يبخل به، وشبه النظر بإنسان جاد بمبخول به فى التلبس بإيجاد ما يستحسن، فأضمر التشبيه فى النفس استعارة بالكناية ثم أضاف إليها السماحة استعارة تخييلية (ووشحته) أى زينت الشرح (بلطائف فقر) جمع فقرة وهى عظم الظهر فى الأصل ثم استعير لحلي يصاغ على هيئته ثم استعير لكلام مخصوص سيأتى إن شاء الله تعالى، وهو المراد هنا.
  (سبكتها) أى صاغت تلك الفقر (يد الأفكار) ولما شبه الفكر بصواغ فى إيجاد ما يستفاد حسنه أضمر التشبيه فى النفس استعارة بالكناية، وأضاف إليه اليد والسبك تخييلا (ثم رأيت الكثير من الفضلاء والجم) أى الكثيرة من الجموم وهو الكثرة. (الغفير) أى السائر للأرض من كثرته فهو لزيادة المبالغة فى الكثرة (من الأذكياء) أى أهل الذكاء، وهو كمال العقل (سألونى صرف الهمة) أى: إرسال قصدى (نحو) أى: إلى جهة (اختصاره) أى: اختصار الشرح، وأراد بالجهة الاشتغال باختصاره، وأراد بالاختصار مجرد الإتيان منه ببعضه مع إسقاط بسط التعبير عن ذلك البعض بدليل قوله:
  (والاقتصار على بيان معانيه) أى: معانى التلخيص (وكشف أستاره) هو بمعنى ما قبله، ولا يخفى ما فيه من تشتيت الضمائر، اتكل فيها على الظهور لذهن السامع، وفى ذكر
(١) المصباح في علوم البلاغة لبدر الدين بن مالك من الكتب الجيدة النافعة التى اتبع فيها صاحبها مدرسة السكاكي، ولنا عليه تحقيق ودراسة في تاريخ البلاغة، منشور بدار الكتب العلمية - بيروت.