مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

التشبيه القريب المبتذل

صفحة 207 - الجزء 2

  معطوف على قوله إما لكونه أمرا جمليا وهو العلة الثانية لظهور الوجه، يعنى أن ظهور الوجه إما لكونه أمرا جمليا، وإما لكونه ليس جمليا بل فيه تفصيل ولكنه قليل التفصيل، ثم قلة التفصيل لا تكفى فى ظهور الوجه، بل لا بد أن تكون (مع غلبة حضور المشبه به فى الذهن) ثم غلبة حضور المشبه به أى: كثرة حضوره إما (عند حضور المشبه) وذلك (لقرب المناسبة) بين المشبه والمشبه به، فإن من المعلوم أن الأشياء المتناسبة التى هى من واحد تحضر كثيرا مجتمعة، كالأوانى والأزهار فتقترن فى الخيال، فإذا حضر بعضها فى الخيال حضر غيره، فيسهل الانتقال فى التشبيه لظهور الوجه غالبا مما يحضر كثيرا مع غيره؛ لأن ما يدرك من أحدهما يدرك غالبا من الآخر لتقارنهما، وإنما قلنا غالبا لأنه يمكن أن يكثر حضور الشيء ويخفى الوجه المعتبر فيه لتحصيله بدقة النظر، كما أشرنا إليه فى تشبيه زيد بعمرو فى الإنسانية، وهذا التقارن الذى أوجبه كثرة الاجتماع فى الوجود هو الجامع الخيالى - كما تقدم - والمراد بغلبة الحضور الموجبة لظهور الوجه غلبته قبل روم التشبيه، وليس المراد أنا إذا رمنا التشبيه غلب حضور المشبه به فيغلب حضور الوجه، فإنه يؤول المعنى لو أريد هذا إلى أن الوجه ظاهر، لأنا إذا أردنا التشبيه غلب ظهوره، وإنما المعنى أن الغلبة السابقة على التشبيه أوجبت ممارسة الوجه، فإذا أريد التشبيه ظهر الوجه حينئذ بسبب ما كان فى الأصل فليس من تعليل الشيء بنفسه كما قيل، ثم مثل لهذا القسم، وهو ما يغلب حضوره فيما مضى لكن مع حضور الطرف الآخر فيما مضى أيضا كما قررنا، ذلك يوجب ظهور الوجه فى التشبيه بقوله: (كتشبيه الجرة الصغيرة) وهى إناء من خزف أى: طين مخصوص على شكل مخصوص (بالكوز) هو إناء يشرب منه (فى المقدار والشكل)، ومثل ذلك تشبيه الإجاصة بالسفرجلة فى اللون والشكل والطعم فى بعض الأحيان، والعنبة الكبيرة بالبرقوقة فى الشكل واللون والطعم، فإن الوجه فى هذه الأشياء فيه تفصيل أى: اعتبار أشياء، لكن تلك الأشياء ظاهرة لكثرة تكرر موصوفاتها على الحس عند إحضار ما أريد تشبيهه بها، فيلزم ظهور أوصافها، ولكن قيل إن الجرة لا مناسبة بينها وبين الكوز فى الشكل، وقد يجاب بأن المراد مطلق الشكل مع مطلق التجويف والانفتاح لجهة مخصوصة، وورد