الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

التقليد والمقلد

صفحة 186 - الجزء 1

  ولا يجوز التقليد في أصول الدين لأن المطلوب فيها العلم، والتقليد لا يفيد إلا الظن، والظن لا يجوز العمل به في أصول الدين، وقد نهى الله عن اتباع الظن قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦].

  وذم الله المتبعين للظن فقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ١١٦}⁣[الأنعام]، وقال تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ٢٨}⁣[النجم].

  والتقليد في العقائد لا يؤمن معه من الخطأ لكثرة الاختلاف في العقائد.

  «والحق في أصول الدين واحد» ولاختلاف الأقوال والمذاهب وليست كلها حقاً إنما الحق واحد فقط بإجماع المسلمين إذ كل فرقة تصوب قولها وتُخَطِّئ أقوال الفرق الأخرى ولاستحالة تعدُّدِ الحق فيه؛ إذ لا يكون العالم قديماً محدثاً، ولا الله تعالى مرئياً غير مرئي، ولا العبد ملجأً في أفعاله غير ملجأ و ... و ... إلخ ذلك.

  وشكر المنعم واجب متقرر في فطر العقول فالعقل يوجب معرفة المنعم ليؤدي شكره؛ إذ لا يمكن أداء الشكر إلا بعد معرفة المنعم.

  ومعرفة الله سبحانه وتعالى لا تكون بالتقليد والإتباع للآباء قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}⁣[المائدة: ١٠٤]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ٢٣ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ ءَابَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ٢٤ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ٢٥}⁣[الزخرف: ٢٥].

  إذا نظر العاقل بعين البصيرة وتدبر الآيات المنيرة وجد ضعف التقليد وقصره، وعدم نجاة صاحبه، فعند ذلك يجب النظر والتفكر في الآيات الموصلة إلى معرفة الله تعالى على كل