الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

الشبه

صفحة 153 - الجزء 1

الشَّبَهُ

  الشبه هو المثل يقال أشبه الشيءُ الشيءَ وبين هذا وهذا شبهٌ.

  قال الإمام الحسين بن القاسم ÷ في الغاية في ذكر طرق العلّة: (ومنها الشبه وهو بين المناسب والطّرديّ وعرف بالمناسب بالتبع وما يوهم المناسبة)، وقال الإمام المهدي ÷ في البحر: (مسألةٌ والشَّبَهُ هو ما يثبت الحكم بثباته وينتفي بانتفائه وليس بمؤثّرٍ ولا مناسبٍ كالكيل في تحريم التفاضل وإنما يكون طريقاً حيث يُعلم وجوب التعليل للحكم جملة وإلا فموضع اجتهاد).

  والظاهر أنّ الشّبَهَ تردّدُ فرعٍ بين أصلين مختلفين يناسب كلّ واحدٍ منهما بوجهٍ من ذلك تردّدُ الأفضليّة بين التسبيح وبين فاتحة الكتاب في قيام الركعتين الأخيرتين من الظهر والعصر والعشاء وقيام الركعة الأخيرة من المغرب فقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال إن التسبيح - وهو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات - أفضلُ.

  ومنهم من قال إن قراءة الفاتحة - وهي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ٣ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ٦ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ٧} - أفضلُ.

  فمن قال إنّ التسبيح أفضلُ قال لأن المخافتَةَ - في هذا القيام وهو قيام الأخيرتين من الرُّباعيّة وقيام آخرة المغرب - مشروعةٌ مطلقاً فأشبه الركوع والسجود في شرعيّة المخافتةِ فيهما مُطلقاً والذّكر المشروع في الركوع والسجود هو التسبيح فكان التسبيح في القيام أفضل لمشابهته الركوع والسجود.

  ومن قال إن قراءة سورة الفاتحة أفضلُ قال لأن القيام في آخر الصلاة يُشبِهُ ويماثل القيام في أول الصلاة فكان المشروع فيه قراءة القرآن كما أنّ المشروع في قيام أول الصلاة قراءة القرآن.