الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

الاستنباط

صفحة 145 - الجزء 1

  ثم الفاء وهي التي تسمى سببيَّه وتدخل على العلة نحو قوله ÷ في الميت الذي وقصته ناقته وهو محرم: «لا تُمِسُّوه طيباً ولا تخمروا رأسه فإنه يحشر ملبياً».

  وتدخل أيضاً على الحكم نحو قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨]، ونحو ذلك.

  وفاء السببية تقدر بالشرط فمعنى الآية إن سرق فاقطعوا يده.

الاستنباط

  الاستنباط: هو الذي لم يعين الإجماع ولا النص علة الحكم وإنما استخرج الوصف بواسطة النظر إما بمناسبة وإما بحصرٍ وإبطال، فالأول: هو الإخالة، والثاني: هو السبر والتقسيم، ونبدأ بشرح السبر والتقسيم:

  فالتقسيم: هو حصر الأوصاف الموجودة في الأصل.

  والسبر: هو إبطال الأوصاف التي لا تؤثر في الحكم.

  فمثال ذلك: أن يقال في تحريم التفاضل في الشعير: إن الأوصاف الموجودة بعد استقصاء النظر هي: الطعم، والقوت، واتفاق الجنس والتقدير، وهذا هو التقسيم.

  ثم يقول المستدل: إن الطعم لا يصلح علة للتحريم؛ لعدم وجوده في النورة، وكذلك القوت لا يصلح علة للتحريم لعدم وجوده في الملح، والذي يفيده النظر وأظنه علة هو الاتفاق في الجنس والتقدير، وهذا هو السبر. ويكفي أن يقول المستدل: بحثت فلم أجد سوى هذه الأوصاف ويُصَّدَّق لعدالته.

  ومعنى التصديق أنّ هذا المستدلّ قد بحث ووفّى الاجتهاد حقه فيجوز لمن لا قدرة له على الاجتهاد تقليده، وأمّا المجتهد فلا يجوز له الاقتصار على نظر هذا المستدلّ بل يجب عليه أن ينظر لنفسه ويستنبط ويسبر ويقسم.