الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

مسألة: عموم التكليف للموجود وغيره

صفحة 122 - الجزء 1

مسألة: عموم التكليف للموجود وغيره

  خاطب الله تعالى على لسان رسوله محمد ÷ الموجودين من المكلفين في زمان نبيئنا محمد ÷ ووسِعَهُم التكليف بالاتفاق فالخطاب للموجودين فقط، لاستحالة خطاب المعدوم وقبحه. لكن من وُجِدَ بعد زمان النبي ÷ يتعلق به الخطاب والتكليف لأدلة دلت على عموم التكليف بشريعة نبيئنا محمد ÷ إلى أن تقوم الساعة قال الله تعالى لنبيئه محمد ÷: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القرآن لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ...}⁣[الأنعام: ١٩].

  وقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}⁣[الأحزاب: ٤٠].

  وفي حديث الثقلين دليل على عموم التكليف إلى قيام الساعة وهو قوله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما».

عموم الزمان والمكان والحال

  اعلم أن لعموم اللفظ لازماً وهو عموم الزمان وعموم المكان وعموم الحال.

  مثاله قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}⁣[المائدة: ٣]، فلفظ الميتة عام لكل ميتة، ودلت الآية على تحريم كل ميتة بالمنطوق الصريح دلالة مطابقة، ودلت أيضاً على تحريم كل ميتة في كل حال: حال الاضطرار وحال الاختيار بالمنطوق غير الصريح دلالة إشارة ويسمى هذا عموم الحال.

  ونحو قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} فهذه الآية دلت على وجوب إقامة كل صلاة واجبة فعمت كل صلاة واجبة بمنطوقها الصريح، ودلت على وجوب إقامتها في كل زمان: زمان الفضيلة وزمان الكراهة، وفي كل مكان: المكان المغصوب والمكان المباح، والمسجد وغير المسجد، وغيرها من الأمكنة بدلالة الالتزام المسمى الإشارة.