الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

الآحاد

صفحة 39 - الجزء 1

الآحاد

  والآحادي هو ما لم يفد العلم سواءً اتحد راويه أو تعدد، ولقبوله شروط هي:

  ١ - العرض على كتاب الله والسنة المعلومة فما وافقهما فهو صحيح وما خالفهما فإن أمكن التأويل عمل به، وإن لم يمكن التأويل حكمنا بعدم صحة الخبر الأحادي وطرحناه.

  مثال التأويل: ما روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «ليس في الخضروات صدقه»، فإن ظاهره يعارض قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ...} الآية [الأنعام: ١٤١]؛ لأن الحديث يدل بظاهره على عدم وجوب الزكاة في الخضروات والآيتين تدلان على وجوب الزكاة في الخضروات فوجب تأويله بالخضروات التي لم تبلغ نصاب الزكاة حملاً لراويه على السلامة وعملاً بالدليلين.

  ومثال ما لم يمكن تأويله ويجب رده والحكم ببطلانه ما روي: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله» لأنه معارض لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأنعام: ٢٦٤].

  وهذا الشرط هو أهم الشروط، بل قد أمر النبي ÷ بذلك في الحديث المروي: «ألا إنه سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي فما روي لكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فهو مني وأنا قلته، وما لم يوافقه فليس مني ولم أقله»، وهذا الحديث صحيح مجمع على صحته عند أهل البيت #، بل قد أجمعت الأمة على صحته فأمر النبي ÷ بالعرض والأمر يقتضي الوجوب.

  وأيضاً قال الإمام علي #: (وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:

  ١ - رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله ÷ متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: