الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

طرق العلة

صفحة 143 - الجزء 1

  ونحو «البالغ العاقل لا يولى عليه في ماله» وهذا مثال الحكم العدمي.

  وتجيء العلة مفردة وأمثلتها كثيرة نحو: الإسكار في تحريم الخمر.

  وتكون متعددة نحو: أن يجتمع على رجل قصاص للقتل وحدٌّ للردَّة وحدٌّ للزنا فهذه ثلاثة أوصاف أوجبت حكماً واحداً وهو القتل وكل واحدٍ منها لو انفرد لأثر في الحكم.

  وتجيئ مركبة، ومعنى المركبة أن كل وصف فيها جزء في العلة لا يستقل في التأثير في الحكم مثالها: قتل عمد عدوان فيجب القصاص، فقولنا: «قتل» وصف، وقولنا: «عمدٌ» وصف وقولنا: «عدوان» وصف؛ لكنها لا تؤثر في ثبوت القصاص إلا مجتمعة.

  والعلة قد تكون حكماً شرعياً وذلك مثل نجاسة رجيع ما لا يؤكل فإنه نجس حكم الشارع بنجاسته فيحرم لمسه واستخدامه.

طرق العلة

  والطريق إلى معرفة العلة إما الإجماع وإما النص وإما الاستنباط.

  أما الإجماع: فمثاله أن يتفق العلماء على أن علة تحريم التفاضل في نحو الشعير هي الاتفاق في الجنس والتقدير، ونحو الإجماع على أن علة النهي في قوله: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان - شغل القلب وتشويشه.

  وأما النص فهو الدليل من الكتاب والسنة، وهو منطوق ومفهوم أمّا المنطوق فهو صريح وغير صريح وأمّا المفهوم فهو مفهوم الصفة والشرط والغاية والعدد والحصر.

  فأما الصريح: فهو أن يذكر في الكلام لفظ موضوع للتعليل نحو لعلة كذا أو لأجل كذا أو من أجل كذا نحو قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...}⁣[المائدة: ٣٢] وهذا أقوى ما يدل على التعليل.

  ثم لام التعليل، وكي نحو: قوله تعالى: {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ