الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

مسألة: النص والظاهر والمؤول

صفحة 60 - الجزء 1

مسألة: النص والظاهر والمؤول

  وأيضاً فإن اللفظ إما أن يكون له معنى واحد ولا يحتمل غيره ويدل على المعنى الواحد بذاته أو بقرينة فهو نص ودلالته قطعيه.

  فمثال النص: الذي دلّ عليه اللفظ بذاته قوله تعالى: {اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ ...} إلى أخر السورة ... [الصمد].

  فهذه الآيات دلالتها قطعية على وحدانية الله تعالى وعلى انتفاء الولد والوالدية عن الله تعالى وعلى انتفاء المثل لله تعالى كل هذه المعاني دلت عليها ألفاظ السورة نصّاً.

  ومثال النص الذي دل عليه اللفظ بقرينةٍ لفظةُ «مولى» في حديث الغدير وهو قوله ÷: «ألست أولى بكم من أنفسكم لا أمر لكم معي؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه .... إلخ الحديث»، فإن لفظ «مولى» مشترك لفظي بين معانٍ منها ملك التصرف، ومنها العبد، ومنها السيد، ومنها الحليف، ومنها ابن العم ... و ... الخ معانيها، لكن وجود القرينة عيَّن المراد من معانيها وهو ملك التصرف فصار لفظ «مولى» نصّاً في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، والقرينة هنا هي جمع الخلق الكثير في وسط النهار وفي حر الشمس، وقوله ÷: «ألست أولى بكم من أنفسكم لا أمر لكم معي» وقوله ÷: «من كنت مولاه» كلها تدل على أن المراد به ملك التصرف وكذلك آخر الحديث: «اللهم وال من والاه ... الخ الحديث» يدل على أن المراد به ملك التصرف.

  وإما أن يكون له معنى راجح ومعنى مرجوح فإن أريد به معناه الراجح فهو الظاهر ودلالته ظنية وإن أريد به معناه المرجوح لقرينة تصرفه عن معناه الراجح فهو المؤول ودلالته ظنية.

  فمثال ذلك «رأيت أسداً» فإن معناه الظاهر الحيوان المفترس ومعناه المرجوح الرجل الشجاع فإن جاءت قرينة تصرفه عن معناه الظاهر وأريد به معناه المرجوح كان مؤولاً نحو «رأيت أسداً يرمي»

  فلفظ يرمي قرينة صارفةً عن المعنى الراجح وهو الحيوان المفترس إلى المعنى المرجوح وهو الرجل الشجاع ولفظ القرينة صير المعنى المرجوح راجحاً.