الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

وحدة الحق

صفحة 187 - الجزء 1

  مكلف ليعرف الله حق معرفته، ويؤدي طاعة ربه الذي عرفه، ويكون لمنعمه شاكراً، ومن قلد الرجال في مذاهبها وعقائدها لم يأمن من الضلال.

  ويجوز التقليد في فروع الدين بل هو الواجب على من لم يتمكن من الاجتهاد، قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}⁣[النحل: ٤٣]، وقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا ءَاتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦].

  والمقتضي لجواز التقليد أنه يكفي الظن في فروع الدين، والتقليد يحصل به الظن.

  وينبغي للمقلد التبصر عمن يقلده من العلماء، ويكون تقليده في علماء آل محمد ÷ والعلماء من شيعتهم، بل هو الواجب لقوله ÷: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى».

  وقوله ÷: «النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون».

  وقوله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تظلوا بعدي أبداً: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

  بهذه الأحاديث ونحوها نعرف أن الحق معهم، وأن الحق لا يخرج عنهم وأنه يجب اتباعهم، ويحرم مخالفتهم والقولُ بقولٍ مخالفٍ لأقوالهم ومذاهبهم لم يقل به أحد منهم، ويحرم تقليد من يخالفهم لما قدمنا من الأدلة.

وحدة الحق

  الحق في المسائل العقلية واحد لما قدمنا، ويختلف حكم المخالف فيه، فبعضها يوجب الكفر، وبعضها يوجب الفسق، وبعضها معصية توجب الإثم، ومن أراد التفصيل فعليه بكتب علم الكلام.

  والحق في المسائل الفرعية الظنية واحد أيضاً، واختلاف المذاهب والأحكام والأقوال