الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

مسألة: نسخ السنة بالقرآن وغير ذلك

صفحة 138 - الجزء 1

مسألة: نسخ الحكم دون التلاوة

  واعلم أن النسخ الواقع في القرآن هو نسخ الأحكام فقط كما ذكرنا من الآيات، وأنه لا يجوز نسخ الحكم والتلاوة جميعاً، ولا نسخ التلاوة وحدها وبقاء الحكم.

  والدليل على عدم جواز نسخ ما ذكرنا: هو أن القرآن أنزله الله تعالى معجزاً والإعجاز صفة ذاتية للقرآن لا تتغير كما ذلك معلوم من حال الصفات الذاتية، وكذلك كونه قرآناً صفة ذاتية فلا يصح أن يكون غير ذلك.

مسألة: نسخ السنة بالقرآن وغير ذلك

  ونسخ السنة بالقرآن جائز وواقع، من ذلك الصلاة إلى بيت المقدس فقد روي أن رسول الله ÷ صلَّى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً بعدما هاجر إلى المدينة وجعل بيت المقدس قبلته يتوجه إليه في حال الصلاة، ثم نسخ الله وجوب التوجه إلى بيت المقدس بوجوب التوجه إلى الكعبة وذلك قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ...}⁣[البقرة: ١٤٤].

  وروي أن فريضة الصيام وجبت في يوم عاشوراء ثم نسخت بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}⁣[البقرة: ١٨٥].

  وأما نسخ القرآن بالسنة فقد قيل بوقوعه واستدلوا بحديث: «لا وصية لوارث» قال المجيز: نسخ هذا الخبر آية الوصية وهي قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ ... الآية}⁣[البقرة: ١٨٠].

  والجواب عليه: أن ناسخ الآية قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... الآية}⁣[النساء: ١١] , والخبر قرينة للآية يدل على تأخرها ونسخها لآية الوصية.