الحال وصاحبه في المفهوم الموافق وهما الأولى والمساوي
  باليوم في الآية النهار فقط هو العطف على الليل والعطف يقتضي التغاير إذ لا يُعطف الشيء على نفسه إلا عند إرادة التفسير، فكانت الأيام مجملةً مترددة بين المعنيين في قوله تعالى: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٨٤] فبيّنها قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}[البقرة: ١٨٧] وحرف الغاية في الآية الكريمة {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}[البقرة: ١٨٧] مخصِّصٌ أخرج الليل عن وجوب الصيام فيه، فقد دلّت الآية على حُكمين وجوب الصيام وعدم وجوب الصيام وتعلق الحكم الأول وهو وجوب الصيام ببعض زمان اليوم وهو النهار، وتعلق الحكم الثاني وهو عدم وجوب الصيام ببعض زمان اليوم وهو الليل، والمذكور في الآية الكريمة هو الليل فكان الحكم المتعلق به منطوقاً صريحاً.
الحال وصاحبه في المفهوم الموافق وهما الأَولَى والمساوي
  أما الأَولى فهما(١) غير مذكورين في الكلام فإنّ الضرب وتحريمه دلّ عليهما قول الله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} ولم يُذكرَا في الآية والذي دلَّ عليهما هو الوصف الجامع بين التأفيف والضرب فإنا نظرنا إلى الحكمة في تحريم التأفيف فوجدنا أنها الأذيّة ورأينا وجود الأذيّة في الضرب أَولى منه في التأفيف فكان تحريم الضرب أولى من تحريم التأفيف، وهذا الاستدلال يسمى قياساً فثبت أنّ مفهوم الأَولى ثابت بالدلالة القياسيّة لا بالدلالة اللفظيّة.
  وأمّا المساوي فهما كما ذكرنا في الأولى غير مذكورين في الكلام ألا ترى أن قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ...}[المائدة: ٣] يدلّ على تحريم شحم الخنزير لما فيه من الخباثة التي وجد مثلها في لحمه، فلما لم يذكر الشحم وتحريمه المساوي لتحريم اللحم حكمنا بأن ثبوت تحريم الشحم مستفاد من الدلالة القياسيّة لا من الدلالة اللفظيّة.
(١) أي الحال وصاحبه