الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

أقسام الحقيقة

صفحة 79 - الجزء 1

  في ذوات الأربع وغلب عليها هذا الاستعمال حتى صارت حقيقة فيه، فإذا أريد المعنى اللغوي احتيج إلى قرينة فصار لفظ الدابة مجازاً في غير ذوات الأربع.

  ٣ - الحقيقة العرفية الخاصة هي ما نقله أهل العلوم وأرباب الصناعات عن معناه اللغوي إلى متعارفهم واصطلاحهم مثاله «جوهر» هو في اللغة اسم للنفيس نقله أهل علم الكلام إلى الجسم فيطلقون اسم الجوهر على الجسم وكذلك الرفع والنصب والجر في اللغة بمعنى رفع الشيء من أسفل إلى أعلى، ونصب العلامة أي وضعها، وشدِّ الحبل، استعملها أهل علم النحو علامات للإعراب فصارت حقيقة عند أهل النحو في الإعراب.

  ومثل ذلك لفظ «الباب» هو في اللغة اسم لمدخل الدار ونحوها، وعند أهل العلم والمؤلفين اسم لجزءٍ من الكتاب يشتمل على فصول ومسائل مخصوصة.

  فإذا استعمل أهل العرف الخاص كلمة في معناها اللغوي وهي عندهم بمعنى آخر كان استعمالهم لها مجازاً.

  ٤ - والحقيقة الدينية راجعة إلى أصول الدين والحقيقة الشرعية راجعة إلى فروع الدين فمثال الدينية كافرٌ، ومؤمنٌ، فالكفر في اللغة بمعنى التغطية فيقال للزراع كافرٌ لتغطيته الحب بالتراب ونقل في الدين إلى كلِّ من لم يؤمن بنبيئنا محمد ÷ والإيمان في اللغة التصديق، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ١٧}⁣[يوسف: ١٧] أيْ بمصِّدقٍ ونقل في الدين إلى الإقرار باللسان والاعتقاد بالجنان والعمل بالأركان.

  ومثال الشرعية الصلاة هي في اللغة بمعنى الدعاء، وفي الشرع بمعنى العبادة ذات الأذكار والأركان، ونحوها الزكاة، والحج، فمعنى الزكاة اللغوي النماء ونقلها الشارع إلى إخراج جزء معلوم من المال، ومعنى الحج اللغوي هو قصد الشيء المعظم، ونقله الشارع إلى الوقوف بعرفات والإحرام وسائر مناسك الحج.

  فصارت حقائق شرعية في هذه المعاني فإذا استعملها الشارع في المعنى اللغوي احتيج إلى قرينة وصارت مجازاً عنده.