الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

الحكمة المجردة

صفحة 150 - الجزء 1

الحكمة المجردة

  الحكمة المجردة: هي العلّةُ الباعثة على شرع الحكم، كالضرر الباعث على شرع الشُفعة للجار المجاور والشريك المخالط فإن الضرر غير منضبط فلا يصلح التعليل به، ألا ترى أنه قد يتضرر الشريك بمشترٍ دون آخر.

  ومن شروط المناسبة - ايضا - أن لا تعارضها مفسدة راجحة أو مساوية، وذلك نحو الوضوء مناسب لأداء الصلاة ليكون المصلي على طهارة ونظافة، فيعارضه من معه ماء قليل في مكان قفر لا ماء فيه، فإنه إن توضأ به هلك، وإن تيمم وأبقاه للشرب منه سلم، فهاهنا عارضت المصلحة مفسدة أرجح منها وهي حفظ النفس.

[أقسام المناسبة]

  وتنقسم المناسبة إلى أربعة أقسام: مؤثر، وملائم، وغريب، وملغى:

  ١ - المؤثر: هذا القسم راجع إلى النص أو الإجماع؛ لأنه ما ثبت بنص أو إجماع اعتبار عين العلة في عين الحكم مثاله: «الصغر علة في ولاية المال»، فالصغر حقيقة لا يدخل تحته أنواع، وكذلك ولاية المال لا يدخل تحتها أنواع، والصغر يحكم العقل بأنه مناسب لأن يولىَّ عليه في ماله؛ لأنه لا يعرف مصلحة نفسه فلا يكون مظنة لحفظ ماله ووليّ ماله يحفظ له ماله فيكون مظنة لحفظ ماله.

  ٢ - الملائم: وهو الذي لم يثبت بنص ولا إجماع اعتبار عين العلة في عين الحكم، وإنما ترتب الحكم على وفق المناسب، وذلك بأن يعتبر جنس العلة في عين الحكم.

  مثال ذلك: التعليل بالحرج في رخصة الجمع بين الظهر والعصر، فالحرج جنس يدخل تحته السفر، والمطر، والمرض، ونحو ذلك.

  أو اعتبر عين العلة في جنس الحكم، نحو: التعليل بالصغر في جنس الولاية، فالولاية جنس يدخل تحتها ولاية المال وولاية النكاح.