الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

العقل

صفحة 174 - الجزء 1

العقل

  العقل نعمة مِنَ الله منَّ به على عباده المكلفين يميزون به بين الأشياء، ويدركون به الحسن، ويعرفون به القبيح؛ فالعقل حاكم بحسن الحسن، وقبح القبيح كالشرع، وذلك فطرة الله التي فطر العقل عليها: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}⁣[الروم: ٣٠]، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}⁣[البلد].

  وأحكام العقل التي يدركها خمسة وهي: الوجوب والحرمة والندب والكراهة والإباحة؛ فيدرك العقل وجوب قضاء الدين، ووجوب رد الوديعة، ووجوب دفع الضرر عن النفس، وعن الغير، ونحوها كل ذلك يدركه العقل بلا واسطة شرع، علم ذلك ضرورة يجد ذلك كل عاقل ويعلمه علماً ضرورياً، وما كان كذلك فلا يحتاج إلى استدلال، ومن أنكره فهو منكر للضروريات.

  ويدرك العقل قبح الظلم، وقبح الإخلال بشكر المنعم، وقبح القتل عدوانا، وقبح الاستيلاء على مال الغير ظلماً و ... و ... إلخ.

  ويدرك العقل حسن إكرام الضيف، وحسن الإحسان إلى الضعيف، وحسن مكارم الأخلاق و ... و ... إلخ.

  ويدرك العقل كراهة البخل، وكراهة سيء أخلاق ونحوها، ويدرك العقل إباحة المشي في البراري وإباحة السباحة في الأنهار وإباحة التظلل تحت الأشجار التي ليست مملوكة لأحد ولا ضرر فيها على أحد.

  واعلم أنه إن عدم الدليل الشرعي في حادثة وجب الرجوع إلى دليل العقل فما حكم العقل بحسنه فهو حسن ومباح، وما حكم العقل بقبحه فهو قبيح ومحظور.

  ومن المسائل التي اختلف فيها - أصل الأشياء قبل ورود الشرع فقال أئمتنا % والجمهور: حكم الأشياء قبل ورود الشرع الإباحة، وذلك لعدم وجود وجه القبح فيها، ووجه القبح