الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

الترجيح بحسب الدلالة

صفحة 180 - الجزء 1

  يرى مكلف قوماً يستمعون إلى الغناء فنهيهم واجب على من رآهم فإن ظن أنهم يسبون ويشتمون الأئمة الهداة إن نهاهم حرم عليه النهي عن المنكر حينئذٍ ترجيحاً للمفسدة على المصلحة، وللحظر على الوجوب.

  ويرجح الحظر على الندب لما قدمنا من الاحتياط ومن أن درء المفسدة أولى من جلب المصلحة.

  مثال ذلك: سجود التلاوة في صلاة الفريضة فقد روي أن رسول الله ÷ سجد في صلاة الصبح بتنزيل السجدة فهذا الحديث يدل على ندبية سجود التلاوة في حال الصلاة إذا قرأ المصلي آية من عزائم السجود ونحوها.

  وقد ثبت لنا بالأدلة الصحيحة أن النقص من الصلاة يفسدها مطلقاً، وأن الزيادة في الصلاة عمداً يفسد الصلاة، فلا يجوز للمصلي أن يسجد سجود التلاوة؛ لأنه زيادة والزيادة في الصلاة محظورة.

  فقد تعارض في سجود التلاوة في الصلاة الحظر والندب فيرجح الحظر للأحوطية.

  ويرجح الحظر على الإباحة لكونه أحوط وللبعد عن المفسدة مثاله: حديث ميمونة زوج النبي ÷ روي عنها أنها قالت: تزوجني رسول الله ÷ ونحن حلال بِسَرِف، وحديث ابن عباس روي عنه أنه قال: تزوج رسول الله ÷ ميمونة وهما محرمان.

  فإن حديث ابن عباس يدل على إباحة النكاح حال الإحرام، وحديث ميمونة يدل على تحريم النكاح حال الإحرام مع قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}⁣[البقرة: ١٩٧]، فيرجح تحريم النكاح حال الإحرام على إباحته لما ذكرنا.

  ويرجح كراهة الحظر على كراهة التنزيه، وذلك لما ذكرنا من الأحوطية والبعد عن المفسدة.

  مثاله: ما روي: ثلاثة أوقات نهانا رسول الله أن نصلي فيهن أو ندفن فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين تقوم قائمة الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف