الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

الترجيح بحسب الدلالة

صفحة 183 - الجزء 1

  استنباط الأحكام، ويعجز عن إلحاق الفروع بأصولها؛ لأنه لا يقدر على ما ذكرنا إلا من صفيت قريحته، وقوي لُبُّه وتوقَّد ذكاؤه.

  ومن علوم الاجتهاد: معرفة آيات الأحكام المفرقة في القرآن المنزلة على رسول الله ÷ على حسب الحاجة والمصلحة.

  والسبب في تفريقها والله أعلم هو كما ذكرنا أنه كانت تنزل على حسب الحاجة إلى معرفة الأحكام فكلما تجددت حادثة أنزل الله حكمها، فمن اطلع على كتب التفسير وجد آيات الأحكام منزلة على أسبابها كما روي أن آية الظهار نزلت في شأن أوس بن الصامت وزوجته خولة بنت ثعلبة، وظهار أوس من زوجته ومجادلة خولة وشكواها عند رسول الله ÷ فأنزل الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ١ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ٢ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ...} إلى آخر الآيات [المجادلة]، وآية حد السارق، وآية حد الزاني، وآية القذف وغيرها.

  وأيضاً في تفريقها في القرآن زيادة تكليف بالبحث عنها والتفتيش، وفيه أيضاً معرفة لقدر العالِم؛ لأنه لا يقدر على معرفتها واستنباط الأحكام منها إلا هو لا غيره، فعندها نعرف قدر العالم وعظمته، والمكان الذي يستحقه.

  ومن علوم الاجتهاد: معرفة الأحاديث التي تتعلق بها الأحكام وتؤخذ منها، نحو كتاب شفاء الأوام، وكتاب أصول الأحكام من كتب أهل البيت $.

  ومن علوم الاجتهاد: علم الرواية وطرق الجرح والتعديل.

  والاجتهاد: هو أن يبذل الفقيه ما في وسعه لتحصيل حكم شرعي من الدليل التفصيلي.

  وأعلم أن الاجتهاد فرض العالم المجتهد فلا يجوز له ولا يسعه العدول إلى التقليد مع إمكان الاجتهاد.