الترجيح بحسب الدلالة
  والدليل على ذلك: أن شكر المنعم واجب، وتأدية شكر المنعم لا يدركها العقل، وقد أنزل الله الأحكام الشرعية مودعة في الكتاب والسنة وأوجب علينا العمل بهما قال الله تعالى: {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[آل عمران: ٣٢]، وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[آل عمران: ١٣٢].
  والمكلف واجب عليه العمل بما فيه نجاته ومرضاة ربه، وهو لا يظن النجاة إلا إذا علم أو ظن أنه قد أدَّى كل ما وجب عليه، وأنه قد ترك كل ما حرم عليه، ولا يحصل العلم أو الظن للمكلف إلا إذا نظر في الأدلّة، وأعمل فكره وعقله في التبين والتدقيق في الأدلة والبحث العميق، فهذا هو الواجب على المكلف.
  والقادر على ذلك هو العالم المجتهد دون غيره فلا يستطيع غيره ولا يقدر على الاستنباط وتمييز صحيح الأدلة من السقيم؛ فإذا أمكنه الاجتهاد فهو فرضه، وإن تعذر عليه الاجتهاد جاز له التقليد بدليل قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
  ****