الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

السنة

صفحة 24 - الجزء 1

  بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}⁣[الأعراف]، إلا لمخصص كخصوصيات النبي ÷ فإنه دل الدليل على أنها خاصة بالنبي ÷ وذلك نحو وجوب صلاة الوتر فإنها واجبة عليه لدليل يؤخذ من مظانِّه ونحو تحريم مَدِّ عينه إلى زينة الحياة الدنيا وغير ذلك وقد يكون دليل التأسي خاصاً، نحو قوله ÷ «صلوا كما رأيتموني أصلي» و «خذوا عني مناسككم» في فروض الصلاة ومسنوناتها ومندوباتها وفي مناسك الحج وما يجب فيه وما يندب.

  ووجه القربة قد تكون الوجوب فيجب التأسي، وقد تكون الندب فيندب التأسي.

  ولا يتأسى بالنبي ÷ إلا فيما ظهر فيه وجه القربة، وما لم يظهر فيه وجه القربة فلا يتأسى به فيه؛ لأن التأسي هو إيقاع الفعل على صورة فعل الغير ووجهه، فما عرفنا وجهه من أفعال النبي ÷ تأسينا به فيه، وما لم نعرفه فلا نتأسى به فيه، ولا يصح التأسي كما بينا.

  مسألة الفعلان لا يتعارضان:

  اعلم أن الفعلين لا يتعارضان لأنه لا يصح وقوعهما في وقت واحد إذ الوقت لا يتسع لأكثر من فعل واحد، ولأنهما إن كانا من جنس واحد كصلاتين في وقتين فلا تعارض بينهما وأما في وقت واحد فيستحيل اجتماعهما ووقوعهما في وقت واحد وإن كان الفعلان من جنسين مختلفين كصلاة وصيام فلا تعارض بينهما في الحالتين لصحة اجتماعهما وافتراقهما إذا عرفت ذلك تبين لك أنه لا تعارض في أفعال النبي ÷ ولأن الفعل لا عموم له ولا حكم له منفرداً فلا بدَّ له من قول يدل على التكرار ويدل على التأسي، وأما القولان فيتعارضان وكذلك القول والفعل المقترن بقول إذ لا دلالة للفعل وحده فالتعارض بين القولين لا بين القول والفعل.

  وللتعارض أربع صور:

  ١ - أن يفعل النبي ÷ فعلاً ويدل الدليل على وجوب التكرار على النبي ÷، ويدل دليل آخر على وجوب تأسي الأمة به، ثم نجد قولاً من النبي ÷ مخالفاً لفعله عاماً للنبي ÷