المحكم والمتشابه
  والمتشابه: ما خفي معناه، نحو قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} فإن معنى الصلاة كان خفياً مشتبهاً حتى جاء بيانه بفعل النبي ÷.
  ونحو قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة] متشابه لأنه أريد بقوله «يداه» خلاف المعنى الظاهر الذي هو الجارحة، والذي أريد وهو الصحيح الذي دلت عليه الأدلة من المعقول والمنقول هو المعنى الخفي الذي هو النعمة.
  وكذلك ما احتمل عدة معان وهو المشترك اللفظي في معانيه المتباينة، وفي معانيه التي ليست متباينة عند من قال: إن المشترك لا يحمل على جميع معانيه مثال ذلك قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، فقوله: «قروء» مشترك لأنه اسم للحيض واسم للطهر، فكانت هذه الآية من المتشابه لوجود المشترك فيها، ويسمى متشابهاً لأنه يخفى معناه على سامعه ويشتبه.
  والمحكم هو أصل القرآن الذي يرجع إليه، فما اشتبه من آياته شيء وجب رده إلى المحكم من آياته، نحو قوله تعالى {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}[الفتح: ١٤] فإنه لما اشتبه علينا وخفي المغفور له والمعذب وجب الرجوع إلى المحكم ووجب رد هذه الآية إلى الآية المحكمة وهي قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}[طه]، ففي هذه الآية بيان لأهل المغفرة، وإلى قوله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} وفي هذه الآية بيان لأهل العذاب.