الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

السنة

صفحة 41 - الجزء 1

  - ومنها: وهو الأهم كما قدمنا العرض على كتاب الله، وفي كلام أمير المؤمنين أيضاً إشارة إلى اشتراط العلم بمعاني الألفاظ ومعرفة ما أراد النبي ÷ لمن أراد الرواية بالمعنى وسيأتي الكلام في الرواية بالمعنى.

  ٢ - أن يكون الراوي ضابطاً.

  النسيان طبيعة بشرية مجبول عليها الإنسان إلا أنها تختلف فمن الناس من هو كثير النسيان ونسيانه أكثر من ضبطه، ومن الناس من هو قليل النسيان وضبطه أكثر من نسيانه، ومنهم من استوى عنده الحالتان، فمن روى حديثاً ونسيانه أكثر من حفظه وضبطه لم تقبل روايته ودليل ذلك أن المكلف متعبَّدٌ بما أفاد العلم في الأصول والفروع، ومتعبدٌ بما أفاد الظن في الفروع فرواية من ذكرنا لا تفيد من سمعها إلا الشك أو دون ذلك، وهو لا يكفي في قبولها والعمل بها، لما بينا من أنه لا يعمل إلا بما أفاد الظن، ومن روى حديثاً ونسيانه وحفظه سواءٌ فإنّه لا يفيد ظنّاً فلا يقبل خبره لما بينا من انه لا يعمل إلا بما يفيد الظن، ومن روى وحفظه اكثر من نسيانه فإنه يفيد الظن لرجحان الضبط فيعمل بروايته فيما يكفي فيه الظن وهو فروع الدين وهو المختار وسنذكره فيما يأتي.

  وما ذكرناه من عدم العمل في رجحان النسيان على الحفظ وفي استوائهما ومن العمل في رجحان الحفظ على النسيان فهو بالنظر إلى ذات الحديث المروي من هؤلاء الرواة من دون نظر إلى قرينة أو مرجح.

  ٣ - أن يكون الراوي عدلاً.

  والعدالة هي الإسلام وفعل الواجبات وترك المحرمات فمن عرف منه ذلك فهو عدل.

  فلا تقبل رواية كافر التصريح وفاسق التصريح أما الكافر فلظهور عداوته وحربه للإسلام والمسلمين فكيف يؤخذ منه ديننا، ولقوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣] ومن الركون قبول روايتهم، وأما الفاسق فلتجرئه على المعاصي ومن تجرأ على المعاصي تجرأ على الكذب.