الدخول إلى فهم الأصول،

يحيى محمد عبدالله عوض (معاصر)

معاني الأمر المجازية

صفحة 93 - الجزء 1

  ونحو قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}⁣[النور: ٣٣]، فالأمر هنا للندب والقرينة هي الإجماع على عدم وجوب الإعتاق.

  والعلاقة بين الندب والوجوب هي إطلاق المقيد على المطلق، لأن الوجوب هو الطلب مع المنع من الترك، والندب معناه الطلب فقط.

  ٢ - ويرد الأمر للتأديب نحو قوله ÷ لعمر بن أبي سلمة وكان غلاماً في حجر رسول الله ÷ وكانت يده تطيش في الصحفة «يا غلام سمّ الله تعالى وكل بيمنك وكل مما يليك» فالأمر هنا للتأديب، والقرينة كونه فيما يتعلق بالطعام والشراب، وكونه موجهاً لغير مكلف والعلاقة في التأديب هي تسمية المطلق باسم المقيد.

  ونحو قوله ÷: «حفوا الشارب واعفوا اللحى» فيه تأديب من الشارع للمؤمن بتحسين وجهه ومنظره، والقرينة هي أن هذا من آداب ونظافة البدن الذي لا تكليف فيه.

  ٣ - ويرد الأمر للإرشاد نحو قوله تعالى في آية الدين {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ...}⁣[البقرة: ٢٨٢] , ورد الأمر في هذه الآية بكتابة الدين إرشاداً من الله لعبيده بما هو أصلح لهم وأبعد عما يؤدي إلى التنازع والاختلاف وتعليماً لهم كيف يحفظون أموالهم من الضياع، والقرينة الصارفة للفظ «الأمر» عن معناه الحقيقي هي قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، والعلاقة في معنى الإرشاد مثل العلاقة في معنى الندب.

  ونحو ما روي عنه ÷: «إذا شربتم فاشربوا مصّاً وإذا استكتم فاستاكوا عرضاً» يدل على الإرشاد من النبي ÷ لنا بما فيه صحة لأبداننا.

  ٤ - ويرد الأمر للإباحة مثاله قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٨]، وقال تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}⁣[الأعراف: ١٦٠].

  والعلاقة إطلاق المقيد على المطلق لأن الإباحة إذنٌ والوجوب إذنٌ مع المنع من الترك والقرينة معنوية وهي كون الأكل مما يحتاجه الإنسان ويتلذذ به وليس فيه تعبدٌ ولا إتعاب للنفس.