تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

[الآية الرابعة والثمانون]: وقوله تعالى: {إن الذين يبايعونك}

صفحة 220 - الجزء 1

  [الآية الرابعة والثمانون]: وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ}⁣[الفتح: ١٠]، وقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ}⁣[الفتح: ١٨].

  نزلت في أهل الحديبية، قال جابر: كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة، فقال لنا النبي ÷: «أنتم اليوم خير أهل الأرض» فبايعنا تحت الشجرة على الموت فما نكث أحد إلا جد بن قيس، وكان منافقاً فلما تم الصلح أمر رسول الله علياً أن يكتب كتاب الصلح، فكتب هذا ماصالح محمد رسول الله، فقال سهيل بن عمرو: لو عرفنا أنك رسول الله لما خالفناك، فأمره أن يكتب محمد بن عبدالله، وقال: سيكون لك ياعلي يوماً مثل هذا اليوم، فكان يوم الحكمين، وأولى الناس بهذه الآية علي لأنه تعالى قال: {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} يعني فتح خيبر وكان الفتح على يديه.

  [الآية الخامسة والثمانون]: قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}⁣[الفتح: ٢٩] ... إلى آخر الآيات الذين معه من أصحابه ومن اتبعه، سيماهم، قيل: في القيامة ببياض وجوههم، ومواضع سجودهم كالقمر ليلة البدر، وقيل علاماتهم في الدنيا من أثر الخشوع، وقيل: صفرة الألوان ونحول أبدانهم، قال الحسن: إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما بالقوم من مرض.

  وروى الحارث أن علياً # اطلع فإذا الناس سمان متكئون حول القصر فقال لغلامه قنبر من هؤلاء؟ قال: شيعتك يا أمير المؤمنين، قال: مالي لاأرى عليهم سيما الشيعة، قال: وما سيما الشيعة؟ قال: خمص البطون من الطوى، يبس الشفاه من الظمى، عمش العيون من البكى، من كان يريد ربه يسخط نفسه، ومن لم يسخط نفسه لم يرض ربه، المؤمن من نفسه في عناء، والناس منه في راحة ورخاء، والأحمق من نفسه في رخاء، والناس منه في أذاً وبلاء.