مقدمة التحقيق
  
مقدمة التحقيق
  الحمدلله رب العالمين، القائل في محكم كتابه المبين {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب] والقائل أيضاً: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣].
  والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله البشير النذير، والداعي إلى الله بإذنه السراج المنير، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، الأخيار الأنجبين، أئمة الهدى، وأعلام التقى، وذوي النهى.
  وبعد:
  أيها المطلع الكريم:
  إن القرآن هو الدستور العظيم، والقانون التشريعي للتحليل والتحريم، والفرائض والأحكام، وهو المبين لحقائق الإسلام، وما يحتاج إليه جميع الأنام في الدنيا والآخرة، ونطقت آياته البينة بشتى الأوامر والنواهي، وصرّحت عباراتُه بكثير من المسائل الهامة المتعلقة بالعباد فيما بينهم في اعتقاداتهم وعباداتهم ومعاملاتهم، وغير ذلك من الأمور التي يحتاجون إليها؛ مع ما اشتملت عليه من البلاغة والفصاحة المتناهية التي عجزت العرب مع فصاحتها وقوة بيانها عن معارضتها ومضاددتها.
  ولما كان الناس الذين نزل القرآن بلغتهم، وجاء بأمرهم ونهيههم، ونزلت آياته واعظة وزاجرة لهم، ومخوّفة ومبشّرة ومرغّبة ومرهّبة لهم، من أشد المخلوقات طبيعة وأقساها جبلَّة، وأقواها قلوباً، وأكثرها حروباً، وفي نفس الوقت من أشد الأمم تكذيباً لأنبيائها، وأذية لهم، واستهزاءً وسخرية بهم، ومع ذلك كانت أمة من خير الأمم بما أكرمها الله به من أن بعث إليها إمام الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأطهار، وأنزل عليها أفضل الكتب السماوية وأشرفها وهو القرآن الكريم، وكان من صفاتهم أيضاً شدة