فائدة:
  جهة سوء حفظه ووثّقه بعضهم بصدقه وجلالته. فلذا إذا تفرّد هو بما لم يتابع عليه لا يرتقي حديثه عن الحسن، فإذا انضمّ إليه من هو مثله أو أعلى منه أو جماعة صار حديثه صحيحا وإنّما حكمنا بالصحة عند تعدّد الطرق أو طريق واحد مساو له أو راجح لأنّ للصورة المجموعة قوة تجبر القدر الذي قصّر به ضبط راوي الحسن عن راوي الصحيح.
  ومن ثمّ تطلق الصّحة على الإسناد الذي يكون حسنا لذاته لو تفرّد عند تعدّد ذلك الإسناد، سواء كان التعدّد لمجيئه من وجه واحد آخر عند التّساوي والرجحان أو أكثر عند عدمهما انتهى.
  اعلم أنّ المفهوم من دليل الحصر وظاهر كلام القوم أنّ القصور في الحسن يتطرّق إلى جميع الصفات المذكورة. والتحقيق أنّ المعتبر في الحسن لذاته هو القصور في الضبط فقط، وفي الحسن لغيره والضعيف يجوز تطرّق القصور في الصفات الأخر أيضا، كذا في مقدمة شرح المشكاة.
فائدة:
  تتفاوت رتبة الصحيح بتفاوت هذه الأوصاف قوة وضعفا. فمن المرتبة العليا في ذلك ما أطلق عليه بعض الأئمة أنّه أصح الأسانيد كالزهري(١) عن سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب(٢) وكمحمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو(٣) عن علي بن أبي طالب وكإبراهيم النخعي(٤) عن علقمة(٥) عن ابن مسعود والمعتمد عدم الإطلاق لترجمة معيّنة، فلا يقال لترجمة معيّنة مثلا للترمذي عن سالم الخ إنّه أصح الأسانيد على الإطلاق من أسانيد جميع الصحابة. نعم يستفاد من مجموع ما أطلق عليه الأئمة ذلك أي أنّه أصح الأسانيد أرجحيته على ما لم يطلقوه عليه أنّه أصح الأسانيد، ودون تلك المرتبة في الرتبة كرواية يزيد بن عبد اللّه(٦) عن جدّه عن أبيه أبي موسى، وكحمّاد بن سلمة(٧)
(١) هو محمد بن مسلم بن عبد اللّه بن شهاب الزهري، أبو بكر، ولد عام ٥٨ هـ / ٦٧٨ م وتوفي عام ١٢٤ هـ / ٧٤٢ م. تابعي من أهل المدينة. أول من دون الحديث، واحد أكابر الحفاظ والفقهاء. الاعلام ٧/ ٩٧، تذكرة الحفاظ ١/ ١٠٢، وفيات الأعيان ١/ ٤٥١، تهذيب التهذيب ٩/ ٤٤٥، غاية النهاية ٢/ ٢٦٦، صفة الصفوة ٢/ ٧٧، حلية الأولياء ٣/ ٣٦٠، تاريخ الاسلام ٥/ ١٣٦.
(٢) هو سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، توفي بالمدينة عام ١٠٦ هـ / ٧٢٥ م. أحد فقهاء المدينة السبعة، ومن سادات التابعين وأكابر علمائهم وثقاتهم. الاعلام ٣/ ٧١، تهذيب التهذيب ٣/ ٤٣٦، غاية النهاية ١/ ٣٠١، صفة الصفوة ٢/ ٥٠، حلية الأولياء ٢/ ١٩٣.
(٣) هو عبيدة بن عمرو (أو قيس) السلماني المرادي. توفي عام ٧٢ هـ / ٦٩١ م. من التابعين. أسلم باليمن ثم هاجر إلى المدينة.
وحضر كثيرا من الوقائع وبرع في القضاء والفقه والرواية. الاعلام ٤/ ١٩٩، تذكرة الحفاظ ١/ ٤٧، طبقات ابن سعد ٦/ ٣٦، اللباب ١/ ٥٥٢، تاريخ الاسلام ٣/ ١٩١.
(٤) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران النخعي، ولد عام ٤٦ هـ / ٦٦٦ م وتوفي عام ٩٦ هـ / ٨١٥ م. من أكابر التابعين. صالح صدوق ثقة في رواية الحديث وحفظه، إمام مجتهد في الفقه. الاعلام ١/ ٨٠، طبقات ابن سعد ٦/ ١٨٨، حلية الأولياء ٤/ ٢١٩، طبقات القراء ١/ ٢٩، تاريخ الاسلام ٣/ ٣٣٥.
(٥) هو علقمة بن قيس بن عبد اللّه بن مالك النخعي الهمداني، أبو شبل. توفي بالكوفة عام ٦٢ هـ / ٦٨١ م. تابعي من فقهاء العراق، ومن رواة الحديث. كان ممن شهد الفتوح الاسلامية. الاعلام ٤/ ٢٤٨، تهذيب التهذيب ٧/ ٢٧٦، تذكرة الحفاظ ١/ ٤٥، حلية الأولياء ٢/ ٩٨، تاريخ بغداد ١٢/ ٢٩٦.
(٦) هو يزيد بن عبد اللّه بن الحر بن همام الكلابي، من بني ربيعة، توفي ببغداد نحو عام ٢٠٠ هـ / نحو ٨١٥ م. عالم بالأدب. له شعر جيد له عدة مؤلفات. الاعلام ٨/ ١٨٤، خزانة البغدادي ٣/ ١١٨، الفهرست ٤٤.
(٧) هو حماد بن سلمة بن دينار البصري الرّبعي، أبو سلمة. توفي عام ١٦٧ هـ / ٧٨٤ م. مفتي البصرة، ومن علماء الحديث الكبار، نحوي ثقة حافظ، وكان من أوائل من صنف التصانيف. الاعلام ٢/ ٢٧٢، تهذيب التهذيب ٣/ ١١، نزهة الألباء ٥٠، ميزان الاعتدال ١/ ٢٧٧، حلية الأولياء ٦/ ٢٤٩.