فائدة:
  تسمّى الجزع والهلع وهو إطلاق داعي الهوى في رفع الصّوت وضرب الخدّ وشقّ الجيوب وغيرها. وإن كان في حال الغنى يسمّى ضبط النفس وتضادّه حالة تسمّى البطر، وإن كان في حرب ومقاتلة يسمّى شجاعة ويضادّه الجبن.
  وان كان في كظم الغيظ والغضب يسمّى حلما ويضادّه البرق. وإن كان في نائبة من نوائب الزمان مضجرة يسمّى سعة الصّدر ويضادّه الضّجر والنّدم وضيق النفس. وإن كان في إخفاء كلام يسمّى كتمان النفس ويسمّى صاحبه كتوما.
  وإن كان في فضول العيش يسمّى زهدا ويضادّه الحرص. وإن كان على قدر يسير من المال يسمّى القناعة ويضادّه الشّره. وقد جمع اللّه أقسام ذلك وسمّى الكلّ صبرا فقال:
  {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ}(١) أي الفقر، وحين البأس أي المحاربة. قال القفال(٢): ليس الصّبر هو حمل النّفس على ترك إظهار الجزع، فإذا كظم الحزن وكفّ النّفس عن إبراز آثاره كان صاحبه صابرا وإن ظهر دمع عين أو تغيّر لون. وقال # «الصّبر عند الصّدمة الأولى»(٣)، وهو كذلك لأنّ من ظهر منه في الابتداء ما لا يعدّ معه من الصابرين ثم ظهر فذلك يسمّى سلوا، وهو مما لا بدّ منه. قال الحسن: لو كلّف الناس إدامة الجزع لم يقدروا عليه.
فائدة:
  قال الغزالي: الصّبر من خواص الإنسان ولا يتصوّر في البهائم لأنّها سلّطت عليهم الشّهوات وليس لهم عقل يعارضها، وكذا لا يتصوّر في الملائكة لأنّهم جرّدوا للشّوق إلى الحضرة الربوبية والابتهاج بدرجة القرب ولم يسلّط عليهم شهوة صارفة عنها حتى يحتاج إلى مصادمة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجهد آخر. وأمّا الإنسان فإنّه خلق في الابتداء ناقصا مثل البهيمة ثم يظهر فيه شهوة اللّعب ثم شهوة النكاح إذا بلغ، ففيه شهوة تدعوه إلى طلب اللذات العاجلة والإعراض عن الدار الآخرة، وعقل يدعوه إلى الإعراض عنها وطلب اللذات الروحانية الباقية. فإذا عرف العارف أنّ الاشتغال عنها يمنعه عن الوصول إلى اللذات صارت صادّة ومانعة لداعية الشهوة من العمل فيسمّى ذلك الصّدّ والمنع صبرا، انتهى ما في التفسير الكبير.
صبيح الوجه:
  [في الانكليزية] Graceful
  [في الفرنسية] Gracieux
  هو المتحقّق بحقيقة اسم الجواد ومظهريته ولتحقّق رسول اللّه ﷺ به. روى جابر رضي اللّه تعالى عنه (أنّه ما سئل عنه # شيء قط قال لا. ومن استشفع به إلى اللّه لم يرد سؤاله)(٤)، كما أشار إليه أمير المؤمنين علي رضي اللّه تعالى عنه إذا كانت لك إلى اللّه سبحانه تعالى حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على النبي ﷺ ثم اسأل حاجتك فإنّ اللّه أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي أحدهما ويمنع الأخرى.
  والمتحقّق بوراثته في جوده # هو الأشعث من الأخفياء الذي قال فيه #:
(١) البقرة / ١٧٧
(٢) هو محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر، أبو بكر الشاشي، القفال الفارقي. ولد عام ٤٢٩ هـ / ١٠٣٧ م، وتوفي ببغداد عام ٥٠٧ هـ / ١١١٤ م. لقب بفخر الاسلام، وكان شيخ الشافعية في عصره بالعراق. درّس بالمدرسة النظامية وله عدة مؤلفات هامة. الاعلام ٥/ ٣١٦، وفيات الأعيان ١/ ٤٦٤، طبقات السبكي ٤/ ٥٨.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الجنائز. باب الصبر عند الصدمة، حديث ٦٠، ٢/ ١٧٩.
(٤) روى جابر (¥) انه ما سئل عنه # شيء قط قال لا. رواه مسلم في الصحيح، كتاب الفضائل باب (ما سئل رسول اللّه ﷺ شيئا قط)، حديث ٥٦، ٤/ ١٨٠٥. بلفظ: ما سئل رسول اللّه ﷺ شيئا قط فقال: لا. أما «ومن استشفع به إلى اللّه لم يرد سؤاله» فليس تتمة للحديث، بل هو من كلام المصنف وقد استدل عليه بقول الإمام علي ¥.