موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم،

التهانوي (المتوفى: 1158 هـ)

التضمين:

صفحة 469 - الجزء 1

  كزيادة الأربعة على الأربعة التي تحصل منها ثمانية، فذلك العدد يسمّى مضعّفا بالفتح، والذي يحصل من تلك الزيادة يسمّى حاصل التضعيف كالثمانية في المثال المذكور. وقد يستعمل التّضعيف بمعنى الضرب كما في بعض حواشي تحرير أقليدس. والمضعف عند المحدّثين عرفت قبيل هذا.

التّضمين:

  [في الانكليزية] Implication، inclusion

  [في الفرنسية] Implication، inclusion

  عند أهل العربية يطلق على معان. منها إعطاء الشيء معنى الشيء. وبعبارة أخرى إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه ويكون في الحروف والأفعال، وذلك بأن تضمن حرف معنى حرف، أو فعل معنى فعل آخر، ويكون فيه معنى الفعلين معا وذلك بأن يأتي الفعل متعديا بحرف ليس من عادته التعدّي به، فيحتاج إلى تأويله أو تأويل الحرف ليصحّ التعدي به، والأول تضمين الفعل والثاني تضمين الحرف.

  واختلفوا أيّهما أولى، فقال أهل اللغة وقوم من النحاة التوسّع في الحروف لأنّه في الأفعال أكثر مثاله {عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ}⁣(⁣١) فيشرب إنّما يتعدّى بمن فتعديته بالباء إمّا على تضمينه معنى يروي ويتلذّذ أو تضمين الباء معنى من. وأمّا في الأسماء فإنّ تضمين اسم بمعنى اسم لإفادة معنى الاسمين معا نحو {حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}⁣(⁣٢) ضمّن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه.

  وهو أي التضمين مجاز لأنّ اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، فالجمع بينهما مجاز، كذا في الإتقان في نوع الحقيقة والمجاز. لكن في چلپي التلويح في الخطبة وفي چلپي المطوّل في بحث تقديم المسند ما يخالف ذلك حيث قال: التضمين أن يقصد بلفظ معناه الحقيقي ويراد معه معنى آخر تابع له بلفظ آخر دلّ عليه بذكر ما هو من متعلّقاته. فاللفظ في صورة التضمين مستعمل في معناه الحقيقي والمعنى الآخر مراد بلفظ آخر كيلا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. فتارة يجعل المذكور أصلا والمحذوف حالا وتارة يعكس.

  فإن قلت إذا كان المعنى الآخر مدلولا عليه بلفظ آخر محذوف لم يكن في ضمن المذكور فكيف قيل إنه متضمن إياه؟ قلت: لما كان مناسبة المعنى المذكور بمعونة ذكر صلة قرينة على اعتباره جعل كأنّه في ضمنه انتهى.

  ومنها حصول معنى في لفظ من غير ذكر له باسم هو عبارة عنه وهو من أنواع الإيجاز.

  قال القاضي أبو بكر وهو نوعان: أحدهما ما يفهم من البيّنة كقولك معلوم فإنه يوجب أنّه لا بدّ له من عالم. وثانيهما من معنى العبارة كقوله تعالى {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فإنّه تضمّن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه تعالى على جهة التعظيم له والتبرك باسمه، كذا في الإتقان في نوع الإيجاز والإطناب.

  ومنها أن يكون ما بعد الفاصلة متعلّقا بها أي بتلك الفاصلة كقوله تعالى {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ١٣٧ وَبِاللَّيْلِ}⁣(⁣٣) وهو وإن كان عيبا في النظم ولكنه ليس بعيب في النثر، كذا في الإتقان في نوع الفواصل. فالتضمين كما يكون في النثر كذلك يكون في النظم بأن يكون ما بعد القافية متعلّقا بها، ويؤيّده ما في وقع المدارك في تفسير سورة قريش أنّ التضمين في الشّعر هو أن يتعلّق معنى البيت الذي قبله تعلقا لا يصحّ إلّا به:


(١) الانسان / ٦.

(٢) الأعراف / ١٠٥.

(٣) الصافات / ١٣٧ - ١٣٨.