موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم،

التهانوي (المتوفى: 1158 هـ)

حرف العين (ع)

صفحة 1222 - الجزء 2

  اسم العالم وفيه دور أيضا. وأيضا الإدراك مجاز عن العلم والمجاز لا يستعمل في الحدود. فإن أجيب بأنّ الإدراك عند المنطقيين مشتهر في العلم بالمعنى المقابل للظّنّ والشكّ والجهل والتقليد والمجاز المشهور حقيقة عرفية فيصحّ استعماله. قلنا لم يندفع بذلك تعريف الشيء بنفسه فكأنّه قيل هو علم المعلوم، وأيضا فيه زيادة قيد على ما هو به فإنّ المعلوم لا يكون إلّا كذلك. الخامس لابن فورك أنّه ما يصح لمن قام به اتقان الفعل أي إحكامه وتخليته عن وجوه الخلل، فإن أراد ما يستقلّ بالصّحة فهو باطل قطعا، وإن أراد ماله مدخل فيها فيدخل القدرة في الحدّ ويخرج عنه علمنا إذ لا مدخل له في صحة الاتقان على رأينا، إذ معنى الاتقان الإيجاد على وجه الإحكام، وأفعالنا ليست بإيجادنا. ولو سلّم ذلك يرد عليه علم أحدنا بنفسه وبالباري تعالى وبالمستحيل فإنّ ما تعلّق به هذا العلم ليس فعلا ولا مما يصحّ إتقانه. واعلم أنّ التقليد والظّنّ لا يدخلان في هذا التعريف وكذا الشّك والوهم لأنّ اتقان الفعل وتخليته عن وجوه الخلل إنّما يتصوّر إذا كان عالما بالمفاسد والمصالح علما يقينا تفصيليا. ولذا استدلّوا بإتقان العالم على علمه تعالى، ولهم عبارات قريبة من هذه العبارات كأن يقال تبيين المعلوم على ما هو به أي كشفه وتمييزه، وفيه الزيادة المذكورة والدّور وأنّ التبيين مشعر بالظّهور بعد الخفاء، فيخرج علمه تعالى. أو يقال هو اثبات المعلوم على ما هو به، وفيه الزيادة والدّور وانه يلزم أن يكون العالم منا بوجوده تعالى مثبتا له تعالى وهو محال. أو يقال هو الثقة بأنّ المعلوم على ما هو به وفيه الزيادة والدّور، وأنّه يوجب كون الباري تعالى واثقا بما هو عالم به وذلك مما يمتنع إطلاقه عليه شرعا. السادس للإمام الرازي أي على تقدير تسليمه أنّ العلم نظري وهو اعتقاد جازم مطابق لموجب إمّا ضرورة أو دليل أي يكون ذلك الاعتقاد المقيّد بالجزم والمطابقة ناشئا عن ضرورة أو دليل فبقيد الجزم خرج الجهل المركّب وتقليد المصيب. فإنّ الاعتقاد وإن كان ناشئا عن الدليل من قول المقلّد لكن مطابقته ليست ناشئة منه بل اتفاقي، وقد مرّ ولا يردّ على هذا النقض بعلمه تعالى لأنّ الإمام اختار في المطالب العالية نفي العلم عن ذاته تعالى وأثبت له العالمية التي فسّرها بالتعلّق بين العالم والمعلوم، لكنه يخرج عنه التصوّر لعدم كونه اعتقادا مع أنّه علم. يقال علمت حقيقة الإنسان وعلمت معنى المثلّث. السابع وهو المختار من بين تعريفاته عند المتكلّمين لبرائه عمّا ذكر من الخلل في غيره وتناوله للتصوّر مع التصديق اليقيني أنّه صفة توجب تمييزات بين المعاني لا يحتمل النقيض والصفة وهي ما يقوم بغيره، فيتناول العلم وغيره. وبقوله توجب تمييزا أي توجب لمحلّها الذي هو النفس تمييزه لشيء لأنّ التمييز المتفرّع على الصفة إنّما هو له لا للصفة، خرج الصفات التي توجب لمحلها التميّز فقط لا التمييز وهي ما عدا الصفات الإدراكية فإنّ القدرة توجب كون محلها متميزا عن العاجز لا كون محلها مميزا لشيء بخلاف الصفات الإدراكية فإنّها توجب لمحلها التمييز للأشياء والتميز عن الأشياء معا. وبقوله بين المعاني أي ما ليس من الأعيان المحسوسة بالحسّ الظاهر خرج إدراك الحواس الظاهرة، وهذا عند من يقول إنّه ليس بعلم بل إدراك مخالف لماهية العلم يحصل بالحواس وأمّا من يقول بكونه قسما من العلم كالشيخ الأشعري فيترك هذا القيد من التعريف. ثم منهم من نفى الحواس الباطنة وقال النفس مدركة للجزئيات المعنوية فلم يقيّد المعاني بالكلّية كما في هذا التعريف، فعلى هذا يشتمل العلم التعقّل والتوهّم والتخيّل كما لا يخفى. ومنهم من أثبتها فقيّدها