موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم،

التهانوي (المتوفى: 1158 هـ)

فائدة:

صفحة 162 - الجزء 1

  للمشبّه به فيكون الاستعارة في اللّام تبعا للاستعارة في المجرور.

  ثم اعلم أنّ الاستعارة في الفعل على قسمين: أحدهما أن يشبّه الضرب الشديد مثلا بالقتل ويستعار له اسمه ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا، والثاني أن يشبّه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي مثلا في تحقق الوقوع فيستعمل فيه ضرب فيكون المعنى المصدري أعني الضرب موجودا في كلّ من المشبّه والمشبّه به، لكنه قيّد في كل واحد منهما بقيد مغاير للآخر فصحّ التشبيه لذلك، كذا أفاده المحقق الشريف⁣(⁣١). لكن ذكر العلامة عضد الملة⁣(⁣٢) والدين في الفوائد الغياثية⁣(⁣٣) أنّ الفعل يدلّ على النسبة ويستدعي حدثا وزمانا، والاستعارة متصوّرة في كلّ واحد من الثلاثة، ففي النسبة كهزم الأمير الجند، وفي الزمان كنادى أصحاب الجنّة، وفي الحدث نحو فبشّرهم بعذاب أليم، انتهى؛ وذلك لأن الفعل قد يوضع للنسبة الإنشائية نحو اضرب وهي مشتهرة بصفات تصلح لأن يشبه بها كالوجوب، وقد يوضع للنسبة الإخبارية وهي مشتهرة بالمطابقة واللامطابقة، ويستعار الفعل من أحدهما للآخر كاستعارة | لا رحمه، واستعارة فليتبوّأ في قوله # «من تبوّأ عليّ الكذب فليتبوّأ مقعده على النار»⁣(⁣٤) للنسبة الاستقبالية الخبرية فإنه بمعنى يتبوّأ مقعده من النار، صرّح به في شرح الحديث، وردّه صاحب الأطول بأنّ النسبة جزء معنى الفعل فلا يستعار عنها، بخلاف المصدر فإنه لا يستعار من معناه الفعل بل يستعار من معناه نفس المصدر ويشتق منه الفعل، ولا يمكن مثله في النسبة، فالحقّ عدم جريانها في النسبة كما قاله السيد السّند.

فائدة:

  قال الفاضل الچلپي: القوم إنما تعرّضوا للاستعارة التبعية المصرّحة، والظاهر تحقق الاستعارة التبعية المكنيّة كما في قولك: أعجبني الضارب دم زيد، ولعلهم لم يتعرضوا لها لعدم وجدانهم إياها في كلام البلغاء.

فائدة:

  لم يقسموا المجاز المرسل إلى الأصلي والتبعي على قياس الاستعارة لكن ربما يشعر بذلك كلامهم. قال في المفتاح: ومن أمثلة المجاز قوله تعالى: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}⁣(⁣٥) استعمل قرأت مكان أردت القراءة لكون القراءة مسبّبة من إرادتها استعمالا مجازيا، يعني استعمال المشتقّ بتبعية المشتقّ منه، كذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.

  الخامس باعتبار المقارنة بما يلائم شيئا


(١) الجرجاني: هو علي بن محمد بن علي، المعروف بالشريف الجرجاني. ولد قرب استراباد عام ٧٤٠ هـ / ١٣٤٠ م. ومات بشيراز عام ٨١٦ هـ / ١٤١٣ م. فيلسوف، من كبار علماء العربية. له أكثر من خمسين مصنّفا. الأعلام ٥/ ٧، الفوائد البهية ١٢٥، مفتاح السعادة ١/ ١٦٧، دائرة المعارف الإسلامية ٦/ ٣٣٣، الضوء اللامع ٥/ ٣٢٨، آداب اللغة ٣/ ٢٣٥.

(٢) عضد الدين الإيجي: هو عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو الفضل، عضد الدين الإيجي. توفي عام ٧٥٦ هـ / ١٣٥٥ م. مسجونا بقلعة كرمان. عالم بالأصول والمعاني والعربية والكلام. له تصانيف هامة. الاعلام ٣/ ٢٩٥، بغية الوعاة ٢٩٦، مفتاح السعادة ١/ ١٦٩، الدرر الكامنة ٢/ ٣٢٢، طبقات السبكي ٦/ ١٠٨.

(٣) الفوائد الغياثية (معاني وبيان) لعضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (- ٧٥٦ هـ) كشف الظنون ٢/ ١٢٩٩. أسماء الكتب ٢٢٩.

(٤) أخرجه مسلم في الصحيح، ١/ ١٠، عن أبي هريرة، المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول اللّه (٢)، حديث رقم ٣/ ٣، بلفظ: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».

(٥) النحل / ٩٨.