في التفضيل
  ذِكْرها، وليس المقام مقام تطويل في البحث في إثباتها فهي معلومة من الدين، لا ينكرها أحد من المؤمنين، إذْ إنكارها تكذيب للقرآن، وردّ لصرائح الفرقان، والتكذيب للقرآن ورده كفر.
  ولما كانت أمة محمد ÷ من الأمم التي ابتُليت بأشد الإبتلاء، وحُمّلت تكليفاً عظيماً من حيث التفضيل، حيث أن الله تعالى جعل موضع التكليف ومحطّ الإبتلاء والإختبار في قوم مخصوصين وطائفة معينة، أَمَرَ الأمة بالرجوع إليها، وسؤالها، ومتابعتها، والإئتمام بها، والإئتمار لأمرها، وخصّ تلك الطائفة بفضائل متكاثرة نطقت بها آيات الذكر الحكيم، ورُويت على لسان النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، وكان لله ø في تلك الطائفة سرّ عظيم، وخبية لا يعلمها إلاَّ هو، ولهذا جعلهم الأمان إلى يوم القيامة وإلى انقطاع التكليف، ولهذا قرنهم بالكتاب الكريم، كان من أمة محمد ÷ من امتثل أمر الله ولازم تلك الطائفة وتابعها إرضاءً لله، وطاعة ووقوفاً عند أمر الله، فبذل نفسه وماله وولده رخيصة في سبيل إتباع أمر الله والإنقياد والخضوع، ففاز بخير الدنيا ونعيم الآخرة، ومنهم من وَرَمت أنفه، وغضبت نفسه، وغلب عليه كِبره، واتبع شيطانه وهواه، وانقاد لشهواته ودنياه، ولم يتواضع لمن أمره الله بالتواضع لهم، وأَنِف من متابعة من أمره الله بمتابعتهم، لهوى في نفسه، وجهل غلب على عقله، وضلال خالط لحمه ودمه، وكبر احتوى عليه قلبه، وعصبية طغت على لُبه، فغرق في بحر الضلالة، وارتطم في مهاوي الجهالة، فاشتبه عليه دينه، والتبس عليه يقينه، وخرج من اليقين إلى الشك، ومن الإيمان إلى الشرك، ومن الحق إلى الباطل، فكان جزاؤه الوبال والخسران في الدنيا والآخرة.
  وهذه الطائفة التي أمرنا الله باتباعها، ولزوم منهاجها هي الطائفة التي أُلّف هذا الكتاب الذي بين يديك من أجلها، ليتبين للجاهل أنها ملازمة للقرآن، ويتنبه الغافل عن مخالفته للرحمن، ويزداد صاحب الحق إلى يقينه يقيناً، وإلى إيمانه إيماناً.