في التفضيل
  ويقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ٧٠}[الإسراء].
  فهذا من الله تعالى ابتلاء واختبار للمفضلين والمفضولين.
  وكما قال تعالى مبيناً أن التفضيل أيضاً في الأيام والليالي: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ٣}[القدر].
  وكما يقول أيضاً مبيناً أن التفضيل واقع بين الشهور والأعوام: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ}[التوبة: ٣٦] ثم خصّ أشهراً منها بخصوصية تقتضي أفضليتها على سائر الشهور فقال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة: ٣٦]، ثم قال: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}[التوبة: ٣٦].
  وكما يقول تعالى في ذكر التفضيل بين عباده: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢}[فاطر]، فهذا نص صريح في التفضيل بين العباد، بل بين أمة محمد ÷ بخصوصها، وقبلهم قد سبق التفضيل بني اسرائيل حيث يقول جل وعلا: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ٤٧}[البقرة]، وكم من الآيات المتكاثرة، والأدلة المتظافرة، غير ما ذكرنا وتلينا في إثبات التفضيل في مواضع غير هذه، فقد رأيتَ كيف تكررت آيات التفضيل في سور كثيرة، وآيات شهيرة، وآيات متعددة في كتاب الله، وما ذلك إلاَّ دلالة على أهمية التفضيل، وأنه واقع بأمر الله وخيرته، والله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ٣٦}[الأحزاب]، بل الواجب هو التسليم والرضا، والإيمان بالقضاء الرباني والإختيار الإلهي: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥}[البقرة]، فهذا كتاب الله يذكر مسألة التفضيل ويحث عليها ويكرر