تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

[الآية الثامنة والخمسون]: قوله تعالى: {الم 1 أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون 2}

صفحة 182 - الجزء 1

  وعن عطاء بن السائب، قال: أخبرني أكثر من عشرة أن أبا موسى دخل على علي #، فقال له: ما هذا الذي تحدث به، فقال أبو موسى: سمعت رسول الله ÷ يقول: «تكون فتنة المضطجع فيها خير من القاعد، والفاعد خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، فإذا كان ذلك فقطعوا أوتار قسيكم، واضربوا بسيوفكم الحجارة» فقال له علي: أنشدك الله قال ذلك لك خاصة أنت فيها يا أبا موسى مضطجع خير منك قائم، ثم قال علي: هكذا فحدث الناس، ذكره الناصر للحق.

  وروى أيضاً بإسناده عن أبي مريم الحنفي، قال: كنت أصلي مع أبي موسى بالكوفة، فلما صلى يوماً الفجر، قال: قدم الليلة رجل من خيار أصحاب رسول الله عمار بن ياسر، فمن أحب أن ينطلق معي، فليفعل، فإن له حقاً، فانطلقنا ودخلنا عليه وسلمنا وسلم أبو موسى فما سمعناه رد، ثم كان أول كلامه أن قال: ويلك يا عبدالله بن قيس أنت المثبط للناس عن علي، وأنت الذي تقول: قطعوا أوتار قسيكم ويلك فمن يضرب خراطيم الفتن، وأين قول الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وأنت القائل: إن رسول الله، قال: «ستكون فتنة النائم فيها خير من اليقظان» ويلك ياعبدالله أما سمعت رسول الله يقول: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» وأنا أشهد أنك كذبت على رسول الله، قال: فرأيت أبا موسى يتفرع كما يتفرع الديك، وقام وخرج.

  وروي أنه لما صالح رسول الله ÷ بالحديبية مع أبي سفيان، وسهيل بن عمرو أمر علياً أن يكتب كتاب الصلح، فكتب: [هذا ما صالح محمد رسول الله]، فقال سهيل بن عمرو: لو عرفنا أنك رسول الله ما قاتلناك، فأمر أن يكتب محمد بن عبدالله، وقال: لك يا علي يوماً مثله، فكان يوم صفين عند التحكيم كتب: هذا ما صالح عليه أمير المؤمنين، فقالوا: لا، حتى تكتب علي بن أبي طالب.