تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

[الآية السادسة والسبعون]: قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}

صفحة 211 - الجزء 1

  وعبدالله بن موسى⁣(⁣١)، فتفرقنا في البلاد⁣(⁣٢) فوقعت إلى ناحية الري، ووقع عبدالله بن موسى إلى ناحية الشام، وخرج القاسم بن إبراهيم إلى ناحية اليمن، فلما توفي هارون اجتمعنا في الموسم فتشاكينا مامر علينا.

  فقال القاسم #: أشد ما مرّ بي أني لما خرجت إلى مكة أريد اليمن صرت في مفازة لاماء فيها، ومعي بنت عمي وهي زوجتي وبها حبل فجاءها المخاض في ذلك الوقت، فحفرت لها حفرة لتتولى أمر نفسها، وضربت في الأرض أطلب الماء، فرجعت إليها وقد ولدت غلاماً وأجهدها العطش، فألححت في طلب الماء فرجعت إليها وقد ماتت، والصبي حي فكان بقاء الغلام أشد عليّ من وفاة أمه، فصليت ركعتين ودعوت الله أن يقبضه فما فرغت من دعاءي حتى مات.

  وشكى عبدالله بن موسى # أنه خرج من بعض قرى الشام وقد حث عليه الطلب، وأنه صار إلى بعض المسالح، وقد تزيا بزي الأكره والفلاحين فسخره بعض الجند


(١) عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $، كان وحيد عصره ونسيج دهره، أحد أعيان العترة، وقواميس الأسرة، كان متخفياً في أيام العباسيين في عصر الرشيد والمأمون والمتوكل، طلب منه المأمون أن يواصله بعد أن قتل علي بن موسى الرضا فأجابه بجواب طويل قال فيه: (فبأي شيء تعتذر فيما فعلته بأبي الحسن - المراد علي بن موسى الرضا - أبالعنب الذي أطعمته حتى قتلته به) ... إلخ، وبقي متخفياً حتى توفي # في أيام المتوكل العباسي، ووفاته تقرب من وفاة أحمد بن عيسى بن زيد $، فإنه نعي إلى المتوكل العباسي وفاة عبدالله بن موسى بعد أربعة عشر ليلة من وفاته، ونعي إلى المتوكل العباسي بعده أحمد بن عيسى # فاغتبط بوفاتهما وسُر سروراً عظيماً لأنه كان يخافهما خوفاً شديداً، ولم يلبث بعد النعي سوى أسبوعاً، فعلى هذا تكون وفاة عبدالله بن موسى # في حدود سنة ٢٤٧ هـ.

(٢) في (ب): البلدان.