تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

[حديث المباهلة]

صفحة 47 - الجزء 1

  فقدم على رسول الله ÷ وأسلم، قال: وأقبل القوم حتى مروا باليهود في بيت مدارسهم فنادوا: يابن صوريا، ياكعب بن الأشرف أنزلوا إخوة القردة والخنازير، فنزلوا فقالوا لهم: هذا الرجل عندكم منذ كذا وكذا، وقد غلبكم احضروا لنمتحنه غداً، فأتوا النبي ÷، فبركوا بين يديه، فتقدم الأسقف، فقال: يا أبا القاسم موسى من أبوه؟ قال: عمران، قال: فيوسف من أبوه؟ قال: يعقوب، قال: فأنت من أبوك؟ قال: عبدالله بن عبد المطلب، قال: فعيسى من أبوه؟ فسكت النبي ÷ ينتظر الوحي، فهبط جبريل # بهذه الآيات: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}⁣[آل عمران: ٦٠]، فقرأها عليهم، قال: فنزأ الأسقف، ثم دق به فغشي عليه، ثم رفع رأسه، فقال: تزعم أن الله أوحى إليك أن عيسى خلقه من تراب أتجد هذا فيما أوحي إليك، ولانجده نحن فيما أوحي إلينا، ولاتجده اليهود هؤلاء فيما أوحي إليهم قال: فهبط جبريل بهذه الآية: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} قالوا: أنصفت يا أبا القاسم فمتى نباهلك؟ قال: غداً إن شاء الله، فانصرفوا، فقال: رئيس اليهود لأصحابه انظروا هذا الرجل، فإن⁣(⁣١) هو خرج غداً في عدة من أصحابه فباهلوه فإنه كذاب، وإن هو خرج في خاصة من أهل بيته، فلا تباهلوه، فإنه نبي، ولئن باهلناه لنهلكن، وقالت النصارى: والله إنا لنعلم أنه النبي الذي كنا ننتظر ولئن باهلناه لنهلكن، ولا نرجع إلى أهل ولا مال، فقالوا: فكيف نعمل؟ قال الأسقف أبو الحارث: رأينا رجلاً كريماً نغدوا عليه فنسأله أن يقيلنا، فلما أصبحوا


(١) في (ب): فإذا.