«الهبل» الزيدي الثائر المظلوم:
  اليمن قد خرجت من حروب دامية مع «الأتراك» وظفرت بالاستقلال والوحدة، على يد «الإمام القاسم» وأولاده أيام «الهبل»، كانت «اليمن» قد ظفرت بالاستقلال بعد حرب شحيحة مع «الأتراك»، وكان لأبي وجدي، وسائر أسرتي من حظ المساهمة في سبيل ذلك الاستقلال مع الإمام يحيى وأبيه؛ ما كان لأسرة «الهبل»؛ وليس ذلك فحسب بل وقد نشأت وعشت في نفس المنطقة التي نشأ وتربى وتأدب فيها الحسن بن علي الهبل»؛ ما بين حارتي «الفليحى» و «العَلَمي» و «حافة» «الجوافة» و «صرحة مُطَير» من حارات وحافات «صنعاء» وبين أولاد وأحفاد الأسر الذين عاش مع آبائهم «الهبل» و «الشوكاني» و «زبارة» و «الأمير» و «أبو الرجال»؛ إلى السحولي» و «المغربي» و «العمراني» وأمثالهم؛ وفي مسجد «الفليحي» حيث كنتُ - مثل «الهبل» أؤدي الفرائض اليومية، وحيث تعلمت القراءة والكتابة، ودرست القرآن الكريم وعلومه؛ وبجانبه تنتصب تلك القبة البيضاء محزمة بذلك الحزام «الأزرق» - أو الذي كان أزرق - والمطرّز وبخط جميل، ونقش بديع - ببيتين كانا أوّل محفوظاتي، ولما أتجاوز السابعة، وربما أنهما كانا أوّل ما تهجاهما «الهبل» | وهما:
  لي خمسة أطفي بهم ... نار الجحيم الحاطمة ..؟
  «المصْطَفَى» و «المرْتَضى» ... و «ابنيهما» و «الفاطمة».
  وأنا أقول هذا؛ لأن أبناء حارة «الفليحي»، أو من يتردد على مسجدها للصلاة أو للدراسة؛ من الحارات المجاورة؛ «كالقُزالي» و «العَلَمي» و «كباس» وغيرها لا يستطيعون إلا أن يقرأوا هذين البيتين، ولا يفوتهم، ولو من باب الفضول؛ أن يتهجوهما، ولا يفوت من يُحِبُّ الشعرَ منهم - وقد جبلتُ كذلك - أن يترنّم بهما، وأن يحفظهما، بل ويجعلهما هجيراه، وأذكر أنا كنا نتمرن بتهجيهما وكتابتهما على القراءة الصحيحة، وتحسين الخط، فاذا تدرّجنا إلى مرحلة أعلى قرأنا البيتين المكتوبين - وإن بخط غير بديع - على محراب الجامع وهما:
  يا بن عم النبي إن أناساً ... قد تولّوك بالخلافة فازوا
  أنت للعلم في الحقيقة باب ... يا إماماً، وما سواك مجاز